لطالما كانت العلاقة بين جمهور النجمة ونادي العهد وتحديداً مع أمين سرّه محمد عاصي متوترة. وغالباً ما كانت الشتائم تنهال على العهد وعاصي بشكل مقزز، لكن هذا التوتر لا يتوافق مع العلاقة المميزة بين الناديين وخصوصاً بين أمين سر النجمة سعد الدين عيتاني ونظيره العهداوي محمد عاصي. فبين الشخصين علاقة تاريخية لطالما كانت متينة حتى في ظل أصعب الظروف على الصعيد الرياضي وغير الرياضي. فعيتاني وعاصي يُعتبران من الاداريين القلائل الذين يمكن القول إنهما من «أولاد» اللعبة ويعرفان كيف يسيران بين الخطوط والألغام.
فالحاج عاصي يعتبر «أبو عامر» حليفاً استراتيجياً (الى جانب شخصية كبيرة أخرى يعتبرها عاصي أيضاً في الخانة عينها). عيتاني من جهته لا يفوّت فرصة إلا ويؤكّد عمق العلاقة مع عاصي وأنه مستعد للوقوف على خاطره وحتى زيارته في حال حصل أي سوء تفاهم في يوم من الأيام. ولعل الزيارة التي قام بها عيتاني الى مقر نادي العهد يوم الخميس، و«ردة الإجر» التي قام بها عاصي مع الرئيس تميم سليمان في اليوم التالي الى مكتب عيتاني تؤكّد حسن العلاقة بين الطرفين.
إذاً لماذا الأجواء متوترة بين جمهور النجمة والعهد إن كان على صفحات التواصل الاجتماعي أو على المدرجات؟ فما حصل السبت من هتافات بحق سليمان أمر خطير وله دلالات خصوصاً مع تأكيدات أن ما حصل لن يكون محصوراً بلقاء السلام زغرتا بل سيكون حاضراً في جميع مباريات النجمة. فلصالح من هذه الأجواء المتوترة وما هي أسبابها؟
الهتافات على مدرجات النجمة طالت سليمان تحديداً. صحيح أن رئيس نادي السلام زغرتا الأب إسطفان فرنجية كان له نصيب وهو امر مرفوض أيضاً، لكن قد يمكن اعتباره من ضمن أجواء المباراة والسلام طرف فيها. لكن الهتافات ضد سليمان تشير الى وجود مشكلة بين الجمهور (وبعض الأشخاص القيمين عليه) والرئيس الجديد للعهد. وقد يكون هناك سوء تفاهم أو نظرة خاطئة الى بعض الأحداث من زاوية غير دقيقة من جانب جمهور النجمة.
خروج الأمور
عن السيطرة قد يحرج اتحاد اللعبة
فكثيرون منهم يعتبرون أن سليمان يتحمّل مسؤولية رحيل حارس النجمة محمد حمود عن الفريق وإصراره على العودة الى العهد. وهنا تجب مساءلة حمود حول هذا القرار وليس سليمان، خصوصاً أن حارس النجمة سبق ودخل في مفاوضات مع ادارة ناديه قبل انتهاء الدوري في الموسم الماضي، وحينها لم يكن سليمان حتى يفكّر في ترؤس العهد. كما أن حمود في النهاية ليس ابن النجمة بل هو ابن العهد، علماً أن أشخاصاً كباراً في ادارة النادي ضد عودة حمود الى العهد، لكن سليمان هو من يصر على ذلك. وهنا قد يكون رئيس العهد محقاً في تمسكه بعودة حمود. فهو ترأس العهد ويريد تأمين جميع مقومات نجاح الفريق في أول موسم له كرئيس. ومركز حراسة المرمى يعتبر أساسياً في أي فريق، والعهد يفتقر للحارس القادر على «حمل» الفريق بعد انتقال وحيد فتال الى النبي شيت. وحتى مع قدوم حسن حسين، فإن وجود حارس من نوعية حمود يعطي دفعاً كبيراً للفريق في مشوار عودته الى منصات التتويج. ما يعني أن سليمان يفكّر بطريقة صحيحة بعيداً من حسابات الماضي وما حصل فيه من أخطاء.
وعليه، فإن رحيل حمود يبدو شبه طبيعي في ظل ما ذكر، وما يدعّم هذه الفكرة ما حصل مع اللاعب حسن المحمد. فالأخير عاد إلى ناديه رغم قدرته على الانتقال الى العهد وهو اجتمع بسليمان مرة، لكن المعلومات تؤكّد أن سليمان لم يقدم عرضاً للمحمد بل كل ما طلبه منه هو الاستفسار عن طبيعة الورقة القانونية الموقعة بين ادارة النادي والمحمد، قبل الحديث عن أي أمر آخر. ورغم ذلك فإن المحمد بقي في النجمة ولم يطلب استغناءه كونه يعتبر نفسه ابن النجمة.
وعليه، فإن الأمر يعود في النهاية الى اللاعب نفسه وطريقة تعاطيه مع الأمور. فهل يعقل أن يدخل القائد عباس عطوي في مفاوضات مع ناد آخر وينسى تاريخه في النجمة؟ أما مع حمود فهذا ممكن كون فترة وجوده في النجمة لم تتجاوز العام بعد كما أن لها ظروفاً معينة، وبالتالي لا يمكن إلقاء اللوم عليه أو على من يفاوضه.
وإذا كان حمود أحد العناصر التي وترت الأجواء بين بعض الأطراف النجماوية ونادي العهد، فإن مسألة اللاعب محمد غدار أيضاً تعتبر عنصراً من عناصر التوتر بين الطرفين. لكن في موضوع غدار هناك كثير من سوء التفاهم او بالأحرى ظلم بحق اداريي العهد. فما يتخوّف منه النجماويون من حركة مباغتة يقوم بها العهداويون عبر ضم غدار في اليوم الأخير من دون موافقة النجمة أمر من سابع المستحيلات بالنسبة إلى ادارة العهد. فعاصي يؤكّد أنه من غير الوارد القيام بمثل هذه الخطوة، وهو أمر يؤكده سليمان في اتصال مع «الأخبار». كذلك فإن المسألة معقدة على الصعيد الاتحادي مع وجود قرار صادر عن اللجنة العليا سابقاً وخلال الفترة التي انتقل فيها اللاعبون زكريا شرارة محمد غدار ورامز ديوب الى الخارج من دون موافقة ناديهما. وينص القرار على عدم قبول توقيع أي لاعب على كشوف ناد آخر غير المسجّل عليه قبل الاحتراف في الخارج من دون موافقة ناديه الأم. لكن هناك ثغرة قانونية في الموضوع ذلك، إن أي لاعب لبناني محترف حتى لو كان مسجّلاً على كشوف ناد محلي ما، يحق له التوقيع على كشوف ناد آخر وفق قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم، ففي حال توجّه هذا اللاعب الى الفيفا، فإن الأخير يحق له إجبار الاتحاد المحلي على قبول توقيع اللاعب حتى خارج فترة الانتقالات، طالما أنه تقدم بطلب التوقيع خلال الفترة المسموح بها. لكن هذا أمر صعب حصوله في لبنان في ظل الاتفاق الضمني بين الأندية، أضف الى ذلك خطورة مثل هذه الخطوة التي قد تطيح بكرة القدم بالكامل، حيث يصبح بالامكان «سحب» أي لاعب عبر حصوله على بطاقته الدولية عن طريق ناد خارجي يجرى الاتفاق معه ومن ثم يوقّع اللاعب على كشوف ناد آخر محلي، في ما يشبه عملية «تبييض» للاعبين. فنادي النجمة على سبيل المثال يعتبر أن القيام بهذه الخطوة من قبل أي ناد وليس العهد تحديداً يعني انتهاء كرة القدم وحينها يقوم النجمة بخطوة «زلزالية» عبر الانسحاب من اللعبة التي ستكون في طريقها الى الزوال.
وعليه، فإن واقع الحال بين النجمة والعهد على الصعيد الاداري والعلاقة بين الطرفين لا يبرران وجود مثل هذا التوتر في المدرجات وعلى صفحات التواصل الاجتماعي. كما أن الأجواء المشحونة بين ناديين بحجم النجمة والعهد ليس صحياً ولا يفيد كرة القدم اللبنانية، ذلك أن خروج الأمور عن السيطرة والذهاب بعيداً في الممارسات غير المقبولة على المدرجات، قد يحرج اتحاد اللعبة ويجعله يتخذ قرارات سلبية، في ظل كلام عن اقتراب نفاد صبر المعنيين بالموضوع على جميع الصعد.