تونس | تزداد نسبة المخاوف التونسية مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، إذ تجددت، يوم أمس، المواجهات بين مجموعة من المتشددين في جبال قريبة من مدينة جندوبة (شمال غربي) على الحدود الجزائرية، استخدمت فيها طوافتان بالتزامن مع مواجهة أخرى بين الأمن ومهربي سلاح في مدينة بنقردان (جنوب) على الحدود مع ليبيا.
ويأتي امتداد المواجهات بين الأمن والجيش من جهة والمتشددين من جهة أخرى، من الشمال إلى الجنوب، في الوقت الذي تسقط فيه كل يوم تقريباً خلايا ارهابية في جهات مختلفة من البلاد، آخرها خلية من ١١ أعلنت عنها وزارة الداخلية، يوم أمس. وهي الخلية الرابعة التي تسقط في أسبوع واحد في أربع مدن تونسية، الأمر الذي يؤكد أن الإرهاب استشرى في البلاد بنحو سرطاني، بعدما استفادت المجموعات الإرهابية من المرونة والتساهل القضائي والأمني الذي تعاملت به حكومتا «الترويكا»، إضافة إلى ترهل الجهاز الأمني وعجزه عن ضبط الحدود مع ليبيا، خاصة في عام ٢٠١١.
وفي هذا السياق، نشرت، مساء أول من أمس، «كتيبة عقبة بن نافع»، المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«أنصار الشريعة»، على صفحتها الخاصة على شبكة «فايسبوك» تسجيلاً مصوراً يظهر فيه أربعة من التنظيم يهددون وزيري الداخلية والأمن ورئيس الحكومة والمتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية والإعلاميين بالتصفية، متوعدين بتنفيذ هجمات إرهابية نوعية خلال شهر تشرين الأول، شهر الانتخابات التشريعية، انتقاماً لما سمّوه «شهداء» و«مساجين» الحركة. وتزامن نشر الشريط مع تحذير وجهته السفارة الفرنسية في تونس إلى رعاياها، تحذرهم فيه من التنقل في الجهات التونسية.
التطورات الأخيرة تزيد من مخاوف التونسيين حيال احتمال انهيار الوضع الأمني وفشل إتمام الانتخابات في محطتيها، البرلمانية والرئاسية، والتي يراهن التونسيون على نجاحها حتى يقطعوا مع المرحلة الانتقالية والمؤقتة، أملاً في تجاوز المأزق الاقتصادي والأمني والاجتماعي وترهل الدولة.
الحكومة من جهتها تطمئن التونسيين إلى قدرتها على ضبط الوضع الأمني وقدرتها على ضمان المسار الانتخابي. لكن رغم بلاغات الحكومة وبياناتها ورغم الضربات المتتالية التي وجهتها وزارة الداخلية والجيش إلى المجموعات الإرهابية المتمركزة في جبال القصرين وجندوبة والكاف، وحتى داخل المدن، رغم ذلك، لم يغادر الخوف الشارع التونسي.
عموماً، بانتظار الانتخابات التشريعية والرئاسية، يحبس التونسيون أنفاسهم. فبقدر تقدم المسار السياسي واشتداد المنافسة بين المتسابقين انتخابياً، يتخوف المواطن التونسي من السلاح وانتشار الخلايا النائمة. وبحسب اعترافات الشبان الذين قُبض عليهم في الأيام الأخيرة، فإن المخطط الأساسي لهذه الخلايا هو استهداف مقارّ أمنية وعسكرية ومنشآت حيوية، مثل شركات الكهرباء والماء والتلفزيون ومراكز أمنية كبرى ومجمعات تجارية، بما يضمن إرباك الدولة وإعلان الإمارة الإسلامية التي يحلمون بها.
الانتخابات، والقطع مع المؤقت والانتقالي، هي المنقذ الوحيد لتونس بصرف النظر عن الأحزاب التي سيختارها الشعب أو المرشح الرئاسي. وبرغم الإشادة بالنموذج التونسي من دول عدة خلال الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن التونسيين يدركون جيداً أن وضعهم هشّ وأن البلاد على فوهة بركان بسبب الخلايا الإرهابية.