قبل ساعات من اجتماع سيعقده الرئيس تمام سلام في نيويورك مع ممثلي الدول المانحة، أطلق وزير البيئة محمد المشنوق من السرايا الكبيرة تقرير «أثر الأزمة السورية على البيئة في لبنان وأولويات التدخل»، الذي موّله الاتحاد الأوروبي عبر المشروع المموّل من الاتحاد الأوروبي، «دعم الإصلاحات - الحوكمة البيئية» وبدعم فني من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وفي وقت تلقت فيه وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية قرابة ٦٠٠ مليون دولار من أصل ١.٥ مليار دولار لإغاثة النازحين السوريين إلى لبنان، يبيّن هذا التقرير أن الاستجابة للتدهور البيئي الناجمة عن هذه الأزمة، يحتاج إلى ٣.٧ مليارات دولار موزعة على النحو الآتي: استخدام الاراضي والنظم الايكولوجية ٩٤ مليون دولار، جودة الهواء ٢.١٢ مليار دولار، ادارة المياه والصرف الصحي ١.٢٨ مليار دولار، ادارة النفايات الصلبة ١٨٨ مليون دولار. هل يستطيع الرئيس سلام إقناع الجهات المانحة بتقديم مبلغ بهذا الحجم، في وقت لم تدفع فيه الجهات المانحة إلا ٤٠ في المئة من اجمالي المساعدات الانسانية الملحة التي تطلبها وكالات الأمم المتحدة؟ يجيب الوزير المشنوق عن هذا السؤال، بالقول إن التقرير أظهر أرقام التدهور البيئي الذي تفاقم نتيجة النزوح السوري، لكن دون شك كانت كلفة معالجة التدهور البيئي قبل النزوح السوري كبيرة وخطيرة، واحتمال وصول عدد النازحين السوريين الى ١.٨ مليون نازح في نهاية عام ٢٠١٤ يضعنا امام استحقاق خطير تجب معالجته.
أشار التقويم إلى أن 48% من كميات النفايات الصلبة الإضافية تُعالَج في البنية التحتية الموجودة حالياً. أما ما يخص الموارد المائية، فإن الوضع قد تفاقم مع أزمة اللجوء السوري، بعد أن شهد لبنان شتاءً جافاً حاداً في العام المنصرم، حيث لم تتعدّ نسبة هطل الأمطار 50% من المعدل السنوي.
كلفة تدهور
جودة الهواء تقدّر بـ ٢.١٢ مليار دولار

وأشار التقرير إلى القدرة المحدودة في لبنان لمعالجة مياه الصرف الصحي التي لا تتعدى نسبة 8% على الصعيد الوطني.
وتطرق التقويم الى ازدياد نسبة انبعاث الملوثات في الهواء. فعلى سبيل المثال، شهدت المدن اللبنانية الرئيسية ارتفاعاً في حركة المرور بنسبة لا تقلّ عن 5٪ بسبب هذه الأزمة، ما يزيد من تلوث الهواء.
بدورها تؤكد الخبيرة في السياسات البيئية في مشروع «دعم الإصلاحات - الحوكمة البيئية» الدكتورة لمياء منصور، أن النتائج الصادرة عن التقرير لا تشمل الوضع البيئي وانعكاساته فحسب، بل هي بمثابة خريطة طريق وطنية للعديد من القطاعات، أبرزها إدارة النفايات وجودة الهواء والصرف الصحي، لذا فإن الكلفة المقدرة تطاول البعد الوطني الشامل، وليس فقط التدهور الناتج من النزوح، لأنه لا يمكن مقاربة هذا الملف إلا بخلفية شمولية للقطاعات المستهدفة.
وفيما أكد القائم بأعمال بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان بالإنابة ماتشي غولو بييسفكي «أن الاتحاد الأوروبي يقدّر الأعباء التي تواجه لبنان بسبب التدفق الكبير للنازحين إليه وأنه سيتابع دعمه للتخفيف من الآثار الناتجة من النازحين ودعم المجتمعات اللبنانية التي تستضيفهم». لكن غولو بييسفكي لم يعلن مقدار الدعم الذي يمكن أن يقدم في المدى المنظور. «النغمة نفسها» رددها الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان روس ماونتن، الذي أشار إلى أنه «بالرغم من المصاعب، فإن الأزمات تأتي ببعض الفرص التي يمكن أن يلتقطها لبنان، وهي تتمثل بالتفاتة المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب لبنان».