القاهرة | عكس كل التوقعات، شكّل فيلم "الفيل الأزرق" (إخراج مروان حامد وكتابة أحمد مراد، وبطولة كريم عبد العزيز وخالد الصاوي ونيللي كريم) حالة استثنائية في شبّاك التذاكر المصري منذ إطلاقه في موسم عيد الفطر الماضي. ورغم أن العمل السينمائي دخل يومها سباقاً امتلأ بالمنافسين الأقوياء لكنه ظلّ يتأرجح بين المركزين الثالث والثاني في البداية قبل أن ينفرد في المركز الأول. فشل النجم أحمد حلمي في الحفاظ على موقعه المتصدّر دائماً لشباك التذاكر المصري بفيلمه الجديد "صنع في مصر" (كتابة مصطفى حلمي وإخراج عمرو سلامة) ولم يحقّق الشريط الإيرادات المتوقعة. لذلك ذهب الراغبون في الضحك إلى الثلاثي أحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد وفيلمهم الرابع "الحرب العالمية الثالثة" (سيناريو أحمد مراد وإخراج أحمد الجندي) الذي تصدّر الإيرادات منذ اليوم الأول. لكن من خارج التوقعات ورغم أنه بعيد من مزاج جمهور العيد، نجح "الفيل الأزرق" في حصد الإيرادات، والأهم الحفاظ على معدّل الإقبال. كما نجح في تخطّي "الحرب العالمية الثالثة" والفوز بالصدارة محققاً 31 مليون جنيه (4 مليون و300 ألف دولار)، أيّ بفارق مليون جنيه (نحو 140 ألف دولار) عن صاحب المركز الثاني وفق آخر إيرادات صادرة عن غرفة صناعة السينما.
حدث هذا رغم أن معظم النقاد ذهبوا في الاتجاه الآخر، واتهموا الفيلم بأنه تأثر بموجة الـ best seller التي ضربت سوق القراءة المصري في السنوات الأخيرة. منذ البداية، يتعرّض كاتب رواية "الفيل الأزرق" وصاحب سيناريو وحوار الفيلم أحمد مراد للهجوم باعتباره يقدّم روايات تجارية تحقّق مبيعات لكنها لا تصنع أدباً حقيقياً. لكن ذلك لم يمنع من تحويل روايته "فيرتيجو" (إخراج عثمان أبو لبن) لمراد إلى مسلسل تلفزيوني قامت ببطولته هند صبري (رمضان 2012)، قبل أن يصل "الفيل الازرق" إلى السينما. كما هناك أنباء عن تحويل أعمال أخرى لمراد إلى صور درامية وسينمائية. اعتبر النقاد أن "الفيل الأزرق" يرسّخ للخرافة، فهو يعرض أطباء "مستشفى الأمراض النفسية" في العباسية (القاهرة) حيث تدور معظم الأحداث، معتبرين أن الكاتب زار المستشفى وجلس مع الأطباء واستوحى روايته من أجوائها. وانتهى الفيلم السينمائي بتأكيد أن صديق البطل شريف الكردي (خالد الصاوي) كان ممسوساً من شيطان يدعى نائل النكاح، وهو السبب في جريمة القتل التي راحت ضحيتها زوجة شريف، ما أدى إلى إيداعه في عنبر المجرمين في مستشفى الأمراض النفسية للتأكد من سلامة قواه العقلية. يقوم بهذه المهمة الطبيب يحيي (كريم عبد العزيز) الذي يعاني هو الآخر من أزمة نفسية لسنوات ويتناول حبوب "الفيل الأزرق" التي تذهب به إلى عوالم أخرى. مخرج الفيلم مروان حامد نجح في تقديم مستوى تقني مغاير لما اعتاده متابعو السينما المصرية. مستوى نجح في جذب الآلاف من الشباب تحديداً لمشاهدة الفيلم بمن فيهم من قرأ الرواية ومن لا يحبّ القراءة أصلاً. لم يلتفت هؤلاء إلى احتجاجات النقاد، وبات الفيلم نقطة مفصلية في المشوار المهني لمن شاركوا فيه. فقد تطوّر أداء النجم الوسيم كريم عبد العزيز كثيراً، وابتعد من الخفة التي كان يقدّم بها معظم أدواره، وباتت نيللي كريم أكثر رسوخاً أمام كاميرا السينما بعد تفوقها كممثلة تلفزيونية فيما يوثّق الصاوي اسمه ضمن قائمة أفضل الممثلين في تاريخ السينما المصرية. أما الشريط نفسه، فأعطى الثقة للمنتجين والموزّعين بإمكانية طرق أبواب مضامين فنية مغايرة للسائد. كما دفع منتجو فيلم "الجزيرة 2" (سيناريو وحوار محمد دياب، وإخراج شريف عرفة) للتفاؤل بنجاح الفيلم ليس بسبب شهرة الجزء الأول فحسب، لكن لأن هناك جمهوراً جديداً قرّر دعم السينما التي تبتعد من أجواء أفلام السبكي والكوميديا العائلية المحافظة.