ما زالت دمشق تحتضن طاقات شابة قرّرت البقاء في «مدينة البوابات السبع» وتحدّي الحرب. ليس ذلك فحسب، بل قرّر بعضهم تقديم مشاريع فنية وإبداعية تلفت النظر إلى استمرارية الحياة في الشام مهما حصل. الممثلة السورية الشابة نغم ناعسة كانت نموذجاً على ذلك، عندما فكّرت في مشروع فنيّ بسيط يُحاكي الشارع ويخترق خوفه ويسرقه من الأفكار السوداء التي تلاحقه نتيجة اتساع رقعة الحرب في البلاد.
قرّرت الممثلة بالتعاون مع الموسقي آري سرحان إطلاق مشروع «ومضة» لتقديم أغنيات سوريّة عريقة تعبّر عن الوطن وربما عن نبض من تبقّى فيه من مواطنين، على أن تطلق تلك الأغاني في الأسواق والشوارع وحافلات النقل العامة. في الوقت الذي تقدّم فيه الفرقة عملها بأسلوب «happening»، كان يعمل ضمن الفريق المخرج الشاب عبد الرحيم الشعيري. الأخير لم يحبس نشاطه ضمن هذا الفريق ولم يوقف اجتهاده، إذ سرعان ما قدّم فكرة فيلم قصير بعنوان «لقاء آخر» ليقبل ضمن المنح الإنتاجية التي باتت تقدمها «المؤسسة العامة للإنتاج السينمائي» بشكل دائم، كنوع من التشجيع، إلى مجموعة من السينمائيين الشباب، بحيث تساهم في إنجاز تلك الأفلام وتترك لأصحابها الحق في تسويقها، على أن يوضع اسم المؤسسة كجهة منتجة على تتر الفيلم وفي الإعلانات المروجة له. هكذا، حظي الشريط القصير للشعيري باهتمام الجهة الحكومية، وقد أنهى قبل أيام تصويره في دمشق وباشر في العمليات الفنية، على أن يشارك في مهرجانات دولية في الفترة المقبلة. في حديثه إلى «الأخبار» يقول الشعيري عن فيلمه «كتبت قصته قبل اندلاع الأحداث الدامية في العالم العربي، من دون أن يكون هناك رغبة في تقديم حكاية منسجمة أو ملائمة للظرف الاستثنائي الذي تعيشه دمشق». وعمّا تكتنزه هذه القصة يضيف السينمائي «يحكي الفيلم قصة رجل ستيني يعيش مع صورة زوجته وساعة المنبّه التي توقظه بشكل منتظم كل يوم، حتى يذهب إلى زيارة قبرها! والفكرة تكمن في طريقة الحبّ بشكل خاص، والإخلاص المطلق إلى درجة جنونية غالباً لم يعد يذكر زمننا هذا حالات مشابهة». وعن الفريق الذي شارك في العمل يقول مخرجه إنه من بطولة أكثم حمادة وميريانا معلولي.