بعد أقل من أسبوع على بدء التحالف الأميركي ـ الخليجي باستهداف الأراضي السورية، بدأت ديناميكية حراك القوى المواجهة تتضح أكثر فأكثر، مع بروز تصريحات سورية، من نيويورك، متقدمة في هذا المجال، تترافق وتصريحات روسية وإيرانية تشير إلى أن ما تم لا يمكنه الاستمرار وفقاً لصيغته الحالية.
وفي سلسلة لقاءات عقدها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، برز كلامه الصادر بعيد لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف، أول من أمس، إذ أعلن أن ضربات التحالف الدولي «غير شرعية لأنها تتم من دون تفويض أممي»، معرباً عن شكوكه في «النيات الحقيقية لقوات التحالف». وفي موقف لافت، ذكر المعلم للصحافيين أن «الولايات المتحدة أبلغت سوريا أنها تنوي ضرب داعش لمدة ثلاث سنوات».
في السياق ذاته، كان الكلام الروسي يأخذ أبعاداً أخرى، حيث أعرب وزير الخارجية الروسي عن أمله بأن «تفهم الولايات المتحدة في النهاية ضرورة عدم لعب دور المتهِم والقاضي ومنفذ الأحكام، وأن تفهم أنه لا يمكن تحقيق أي شيء بطريقة فردية». وأضاف، في لقاء صحافي نشر أمس، «كما ترون بدأوا يحاربون الإرهاب، مع العلم بأنهم بدأوا بذلك فقط عندما قطعت رؤوس مواطنيهم علناً أمام شاشات التلفزة، مع أننا حذرنا منذ زمن بعيد من أن هؤلاء الأشخاص لا يمكن أن يكونوا، ولو مؤقتاً، حلفاء فقط لأنهم يقاتلون ضد (الرئيس بشار) الأسد في سوريا». وأشار إلى أن الالتفاف الأميركي عبر إنشاء تحالف لمحاربة «الإرهاب» من دون الرجوع إلى مجلس الأمن أو التنسيق مع دمشق «لا يضفي الشرعية على كل ما يجري، وهذا يزيد من أخطار وقوع حادث مستفز أو عن طريق الخطأ يمكن أن يزيد من توتر الأوضاع».
وضمن محور القوى ذاته، أكد رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني علي أكبر هاشمي رفسنجاني أن «التحالف الدولي ضد داعش سيبوء بالفشل، وأن الاميركيين باتوا يعترفون بأن التحالف الدولي عاجز عن القضاء على تنظيم داعش الارهابي من دون مساعدة إيران». وحول الدعوة إلى المشاركة في «التحالف الدولي» ضد «داعش»، قال رفسنجاني «نحن نقول لأميركا إنها فرضت العقوبات علينا وهو ما يكشف عن عدائها لنا، وعلى ذلك فنحن لا يمكن أن نكون معها في هذه الحرب».
الرئيس التركي:
أنقرة لا يمكنها البقاء خارج «التحالف الدولي»

في غضون ذلك، برر الرئيس الأميركي باراك أوباما موقف بلاده بالدخول في حرب جديدة بالقول إن الولايات المتحدة لم تتوقع أن يؤدي تدهور الوضع في سوريا الى تسهيل ظهور مجموعات إسلامية متطرفة خطيرة على غرار «داعش». وفي مقابلة مع شبكة «سي بي أس نيوز»، أشار إلى أن واشنطن قد «أساءت كذلك تقدير قدرة أو إرادة الجيش العراقي» الذي درّبته لقتال «الجهاديين» وحده، مضيفاً أن جزءاً من الحل سيكون عسكرياً.
وأتى حديث أوباما بعد يوم على اعتباره، في كلمته الأسبوعية، أن «القيادة الاميركية هي الثابت الدائم في العالم المتقلب. وقد ثبت ذلك هذا الاسبوع فيما كنا نحشد قوى العالم لمواجهة عدد من أخطر التحديات».
كذلك جاء كلام أوباما في الوقت الذي اتهم فيه القائد السابق لوحدة ملاحقة أسامة بن لادن لدى وكالة المخابرات المركزية الأميركية، مايكل شوير، الإدارة الأميركية بخداع الأميركيين حول حربها مع تنظيم «داعش» والوقوع في فخ التنظيم عبر التوجه لقتاله، قائلاً، في حديث إلى «سي أن أن»، إن السبب الحقيقي للحرب هو التدخل الأميركي في المنطقة. وواصلت الإدارة الأميركية في اليومين الماضيين تنشيط برامجها حيال تفعيل دور «المعارضة السورية المعتدلة»، إذ أكدت مستشارة الرئيس الأميركي للأمن القومي، سوزان رايس، مجدداً الالتزام الاميركي بدعم تلك «المعارضة»، وذلك بعيد لقاء جرى في واشنطن يوم الجمعة الماضي مع «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، كما ذكر البيت الأبيض.
إلى جانب ذلك، وفي وقت كان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل يكرر في كلمته أمام الجمعية العامة في نيويورك موقف بلاده من أنه «لا يمكن أن يتم التوصل إلى حل سلمي للأزمة في سوريا مع وجود القوات الأجنبية على الأراضي السورية، ممثلة في الحرس الثوري الإيراني وقوات حزب الله، وانعدام توازن القوى على الأرض»، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يميل بموقفه أكثر نحو المشاركة ضمن «التحالف الدولي»، إذ أعلن، أمس، أن أنقرة لا يمكنها البقاء خارج «التحالف». وقال أمام اجتماع للمنتدى الاقتصادي العالمي في إسطنبول «سنجري محادثات مع المؤسسات المعنية هذا الاسبوع، وسنكون بالتأكيد في المكان الذي يجب أن نكون فيه». وأضاف «لا يمكننا البقاء خارج هذا الامر».
ودعا الرئيس التركي مجدداً الى إقامة منطقة عازلة ومنطقة حظر طيران داخل سوريا لـ«حماية» الحدود التركية واللاجئين. كذلك أشار الى احتمال أن يتطلب الأمر استخدام قوات على الأرض.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)