أقفلت معراب (مقر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع) أبوابها في وجه المرشح الرئاسي لجبهة النضال الوطني النائب هنري حلو. سبق أن اتصل الأخير بقيادة القوات بغية تحديد موعد للقاء جعجع، إلا أنه رفض استقباله. الاتصال الأول كان بعد وفاة والد جعجع، فكانت حجة الرفض أن «الحكيم في حداد».
كرر حلو المحاولة، بعد ذلك، فأتى الرد بأن «الدكتور جعجع غير قادر على استقبالك حالياً»، كما تنقل مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي. السبب الفعلي للرفض، استناداً الى مصادر مقرّبة من القوات، «إعلان ترشيح حفيد ميشال شيحا من منزل آل جنبلاط». لم يهضم جعجع، بصفته ناطقاً باسم «مسيحيي قوى الرابع عشر من آذار»، ما اعتبره «تعدّياً » من النائب وليد جنبلاط على الموقع المسيحي الأول في الجمهورية، وإقدامه على تسمية مرشح الى هذا المنصب. تقول المصادر إن «طريقة ترشيح حلو كانت استفزازية للقوات، وكذلك اعتباره مرشحاً توافقياً، في حين أن جعجع مرشح خلافي».
انزعجت القوات، استناداً الى المقربين منها، «من قبول حلو السير في هذه التمثيلية عوض أن يدعم، بصفته عضواً في تحالف 14 آذار، ترشيح جعجع». في رأي المصادر، «صحيح أن القوات تعترف بحق أي كان في الترشح، ولكن لا يمكن لابن هذا البيت السياسي العريق أن يتخطى تاريخ عائلته ويصبح تابعاً لوليد جنبلاط الذي لم يفوّت مناسبة إلا تغنى بأنه هو من رشح حلو».
طريقة التعاطي القواتية مع حلو دفعت جنبلاط الى استثناء جعجع من زياراته على المرشحين الرئاسيين. المقرّبون من القوات يؤكدون أن زعيم المختارة «لم يبادر حتى الساعة الى طلب موعد، رغم أن أي رسالة سلبية لم ترسل إليه». ولكن، في معراب، يرفض المسؤولون الحديث عن هذا الموضوع، ويكتفون بالإجابة بـ«لا تعليق».
زعيم المختارة
سيتجاوز
رفض الحكيم
استقبال حلو


يقول أحد النواب القواتيين إن «العلاقة على الارض جيدة بيننا وبين الحزب الاشتراكي»، وأن الالتقاء في المواقف يبقى رهن الملفات المطروحة، «فمثلاً نحن متفقان على الموقف من النظام السوري»، علماً بأن جنبلاط عدّل تصريحاته في هذا الخصوص أخيراً.
ولكن، على المقلب الاشتراكي، تبدو الأمور أقل توتراً مما هي عليه في معراب، إذ ينقل عن جنبلاط قوله إن جولته على «الصف الأول» لن تستثني جعجع. ويلفت إلى أنه كان سيطلب موعداً لذلك، «لكنني اضطررت إلى السفر لأسباب خاصة». مصادر الزعيم الاشتراكي تؤكّد أنه سيتخطى ما جرى بين حلو وجعجع، «وسأتصل الأسبوع المقبل لكي نحدد موعداً لزيارة معراب».
لم تكن هناك يوماً جرّة بين القوات و«الاشتراكي» حتى يُقال إنها انكسرت أخيراً. بقيت حرب الجبل ترخي بظلالها على العلاقة بينهما، حتى حين جمعتهما «ثورة الأرز » عام 2005. كان جنبلاط أول المتهمين لجعجع في قضية تفجير كنيسة سيدة النجاة عام 1994. ولم يفوّت «بيك المختارة» مناسبة إلا استخدمها لتذكير القوات بأنه صاحب القرار في ما خصّ المقعد الماروني في الشوف الذي يشغله نائب رئيس القوات جورج عدوان، حتى إنه «تعمّد» عام 2008 القول إن للقوات أربعة نواب وليس خمسة. وفي عام 2010 اتهم جنبلاط جعجع من دون تسميته بأنه يحضّ على العدوان على لبنان عبر المنابر العربيّة والدوليّة، طالباً من الدول وقف الدعم لسيد معراب. آخر لقاء عقد بين الحزبين كان في أيار الماضي في مقر منسقية القوات ـ المتن الشمالي على مستوى «الصف الثاني». أما على صعيد القيادات، فكان آخرها زيارة النائبة ستريدا جعجع لكليمنصو من أجل «تسويق» ترشيح زوجها الى رئاسة الجمهورية.