جردة حساب وإن جاءت متأخرة، لوزير الجيش الإسرائيلي، موشيه يعلون، عن عدوانه الأخير على قطاع غزة، وفيها أن إسرائيل نجحت، و«حماس» سقطت، وعلى «الأعداء أن يفهموا أننا غير مردوعين تجاه خوض حروب طويلة».
من على منبر جامعة «بار إيلان»، شرح يعلون «النجاح» الإسرائيلي في كلمة ألقاها في مؤتمر معهد بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية، وأكد فيها «القرارات الصحيحة» التي اتخذتها تل أبيب طوال العدوان على غزة، ومن بينها الاهتمام باتفاقات وقف النار المؤقتة التي جلبت الشرعية الدولية لإسرائيل، و«مكنتنا من قتل أكثر من 2000 فلسطيني معظمهم من المقاتلين، إضافة إلى كبار المسؤولين في الجهاد الإسلامي وأربعة مسؤولين كبار من حركة حماس».
ووفق قوله، فإن «قدرات الفلسطينيين على إطلاق الصواريخ تضررت بصورة قاسة جداً، وبقي في حوزتهم فقط 20% من المخزون الصاروخي الذي كان يحوي نحو 10.000 صاروخ»، وأضاف: «في حين تم تدمير أو الإضرار بـ 7000 مبنى، يعيش الآن في غزة 120.000 شخص بلا مأوى، إضافة إلى الأضرار في الممتلكات الاقتصادية لحركة حماس».
ولفت وزير الحرب إلى أن الخلفية التي أدت إلى عملية «الجرف الصامد» هي «أزمة حماس السياسية والاستراتيجية»، ورأى أن الحركة «باتت معزولة سياسياً بعد فقدان الإخوان المسلمين السلطة في مصر، وافتراقها عن محور إيران وسوريا وحزب الله». وتابع: «حماس تواجه أزمة كبيرة نتيجة لتبادل السلطة في مصر الذي شخصها كعدو. وعلى ذلك، أغلقت مصر معبر رفح، ومنعت دخول البضائع عن طريق الأنفاق، الأمر الذي أدى إلى أزمة اقتصادية في غزة».
وأكد يعلون أن المجلس الوزاري المصغر كان مطلعاً عشية العملية العسكرية على التهديد الصاروخي والأنفاق والنشاطات العملانية، وقال: «أحد الاحتمالات التي طرحت على بساط البحث في المجلس قبل بدء المعركة تناول إعادة احتلال القطاع والقضاء على حماس، لكن توصلنا إلى استنتاج مفاده أنه يجب الامتناع عن هذه الخطوة في هذه المرحلة»، الأمر الذي أملى الهدف الذي حدده المستوى السياسي، «والهدف الاستراتيجي للعملية».
كذلك أكد أنه «لو لم نحدد هدفاً سياسياً تحت المبادرة المصرية لأتت جهات مختلفة (الأمم المتحدة، والمبادرة القطرية، ومصر) للتدخل وحرف النتائج»، لكن «بعد 50 يوماً، قبلت حماس المبادرة المصرية من دون أي إنجاز». وتطرق إلى «النصر والحسم»، وجادل في معانيهما، وقال: «من ناحيتي هذا يعني إحضار الطرف الآخر إلى وقف النار وفقاً لشروطنا، رغم أن مسألة الإنجاز في عملية الجرف الصامد، ستُختبر مع الوقت، إذ علينا أن نمنع تعاظم قدرات حماس والمنظمات الأخرى».
وردا على سؤال، عن سبب استمرار العملية 50 يوماً، أجاب يعلون: «الأمر الأول أنه كان باستطاعتنا إنهاء العملية بسرعة من دون الإصرار على المبادرة المصرية. والأمر الثاني، كنا نواجه قيادة منقسمة. الجهاد الإسلامي يتأثر بإيران وكان مستعداً لوقف النار. كذلك حماس كانت مستعدة لوقف النار بعد أسبوعين، لكننا شهدنا انقساماً بين قيادة الداخل والخارج في هذه المسألة، وإلى اللحظة الأخيرة كان (رئيس المكتب السياسي لحماس) خالد مشعل يرفض الاتفاق حتى فرض الأمر عليه فرضاً». مع ذلك، أقر يعلون بأن العملية البرية ضد الأنفاق استمرت أكثر مما كان متوقعاً.
أما عن المستقبل، فرأى يعلون أن الأسئلة التي بقيت بلا أجوبة ستؤثر على «جيراننا الأعداء»، فـ«نحن نشهد شرق أوسط يتفكك. توجد محاور جديدة وأيضاً محاور قديمة مثل إيران وحزب الله وسوريا، ومحور آخر هو الإخوان المؤلف من قطر وتركيا وحماس. أما المحور الأكثر أهمية فهو المعسكر السني العربي الذي ينبغي النظر إليه برؤية المصلحة المشتركة معنا».
وختم يعلون بتأكيد أن الأعداء باتوا يدركون جيداً «أن إسرائيل غير مردوعة عن خوض معارك طويلة، وتحديداً إن كانت قادرة على تحقيق أهدافها». وتابع: «عندما تنظر إلى ما حدث في القطاع في أعقاب هذا التحدي، حيث تم تدمير 7000 مبنى مع أضرار لسنوات طويلة، فإن أحداً هناك لن يكون مستعداً لتعريض نفسه لخطر كهذا، كما على الجانب الثاني أن يطرح سؤالاً على نفسه: هل ما أملك من صواريخ سيكون فعالاً في وجه إسرائيل؟».
إلى ذلك، قررت وزارة الجيش الإسرائيلية إقامة جدران إلكترونية «ذكية» حول المستوطنات المحاذية لقطاع غزة من أجل التحذير من إمكانية تسلل الفلسطينيين. وقال مصدر عسكري في قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش، إن إقامة الجدران بدأت بالفعل، «والهدف منها تعزيز الأمن وتوفير فرصة للتحذير من عمليات تسلل». وأضاف: «قسم من عمليات التسلل يهدف إلى تنفيذ عمليات، وقسم آخر بحثاً عن فرصة عمل، لكن بالنسبة إلينا نعتبر كل تسلل إرهاباً».