بهدوء، تنزع هيئة التنسيق النقابية «ألغام» النسخة الأخيرة لمشروعي سلسلة الرتب والرواتب والمواد القانونية الضريبية. تتريث في الإقدام على أي خطة تصعيدية قبل دراسة ما تسرّب إليها من المشروعين «الملغومين» ومناقشة الملاحظات مع قواعد المعلمين والموظفين.
تريد، على الأقل، أن تأخذ مهلة زمنية لترصد مدى استعداد هذه القواعد لأي مواجهة مستقبلية.
يتردد بعض القادة النقابيين في تعطيل المدارس الرسمية، على الأقل في هذه الفترة التي ينتظم فيها العام الدراسي، لا سيما أن نسبة تسجيل التلامذة لا تزال ضعيفة مقارنة بالسنوات السابقة، «وأنّ الإضرابات قد تكون أحد أسباب الإحجام عن الإقبال على المدرسة الرسمية»، أو هذا ما سمعه مديرون من بعض الأهالي.
لا يقنع التريث بعض الناشطين النقابيين. بالنسبة إليهم، إنّ عدم المبادرة إلى التحرك والتذرع بالمسائل الإجرائية والتقنية ليسا سوى محاولة لتغطية عجز سببه الحقيقي إمساك القوى السياسية بالقرار النقابي، وعدم سماحها بتنفيذ أي تحرك بعد اليوم. الناشطون استفزّهم كلام وزير التربية عن إعطائه ضمانات بعدم الإضراب خلال العام الدراسي ومباهاته بذلك أمام نقابة المعلمين، «فالمعلمون يرفضون مصادرة حقهم في الإضراب تحت أي عنوان، حتى لو كان الحفاظ على التربية والتعليم، وهم إذا كانوا قد قبلوا بتسيير انطلاقة الدراسة منعاً لهروب التلامذة من المدارس الرسمية إلى المدارس الخاصة، فذلك لا يعني ألا تكون الإضرابات خلال العام الدراسي حقاً مشروعاً ضمن الأطر القانونية التي كفلها الدستور». اللافت في الآونة الأخيرة أنّ هيئة التنسيق النقابية لم تعد تفاوض على المطالب مجتمعة، بل بات كل مكوّن من مكوناتها يتواصل مع المسؤولين «بالمفرق»، بحجة خصوصية هذا القطاع أو ذاك، علماً بأنّ هذه الخصوصية ليست مستجدة بل موجودة منذ بداية المعركة التي ارتضت الروابط أن تخوضها موحدة. ما حصل، بحسب رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، أننا «كنا خارج التفاوض وكانت المعلومات تصلنا بالتواتر، لذا فإننا نحتاج إلى وقت لتحليل مستندات المشروع ووضع معلمينا في صورة الصيغة الجديدة التي تحتوي على ألغام في أكثر من مكان، إن لجهة نسبة الزيادات غير الموحدة للقطاعات أو لحرمان المتقاعدين من حقوقهم أو لوقف التوظيف أو للحسم من رواتب عائلات المتقاعدين بنسبة 35%، أو إعادة النظر في الصناديق الضامنة أو فرض الضرائب على الفقراء أوالتقسيط الذي يصل إلى عام 2017، وغيرها الكثير».
أما رابطة موظفي الإدارة العامة فاختارت أن تعود إلى قواعدها بورشة عمل تحمل عنوانين: تقييم المرحلة السابقة وتحويل الروابط إلى نقابات. يتطلع رئيس الرابطة محمود حيدر إلى توسيع إطار المعركة المقبلة لهيئة التنسيق وعدم حصرها في السلسلة. برأيه، تستدعي المعركة عدم الوقوف عند أي تفصيل من التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالزيادات والدرجات، على أهميتها، والعودة بشعارات أوضح تعكس مواجهة للسياسات المالية والاقتصادية.
بالنسبة إلى رئيس رابطة التعليم الأساسي الرسمي محمود أيوب، الأولوية الآن هي لإنقاذ المدرسة الرسمية وتأمين عام دراسي مستقر وخالٍ من الإضرابات. وإذ يؤكد أن لا أحد يستطيع أن يقسّم هيئة التنسيق، يقول إنّه أعدّ كتاباً سيرسله إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري يدعوه فيه إلى إقرار السلسلة في أسرع وقت ممكن.
في سياق متصل، دعا الرئيس بري اللجان النيابية المشتركة إلى جلسة تعقد الاثنين المقبل لإعادة درس سلسلة الرتب والرواتب، انطلاقاً من التركيز على موضوع العسكريين، تمهيداً لإقرارها في الهيئة العامة.