لا يزال العمال يقفلون مبنى مؤسسة كهرباء لبنان المركزي منذ شهرين تقريباً. هؤلاء الذين كانوا يعملون لصالح المؤسسة كعمال مياومين «غب الطلب»، يخوضون منذ سنوات نضالاً مستمراً بهدف الانضمام الى ملاك المؤسسة.
إلا أن نضالهم يصطدم بمصالح لا تمت الى مطالبهم بصلة، إذ يجمع العديد من المسؤولين في وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة كهرباء لبنان على أن قوى سياسية تمنع الوصول الى أي تسوية لمطالب «المياومين» قبل ضمان تحقيق منافع خاصة في قطاع الكهرباء، في مقدمها الحصول على رخص لإنتاج الكهرباء عبر طريقة «المنتجين المستقلين».
توقف الجباية قد
يؤدي إلى توقف أعمال الشركات والباخرتين

وبحسب أحد المسؤولين في المؤسسة، فإن وضع الكهرباء يقف على الخط الأحمر، وبالتالي هو مرشح للانفجار. إذ إن استمرار إقفال المبنى المركزي للمؤسسة ومنع الإدارة من العمل والوصول الى ملفاتها، بالتزامن مع الحصار المالي المفروض على المؤسسة، أدّى الى توقف الجباية وتعطيل الكثير من الخدمات، وبالتالي بدأت تتراكم مستحقات لصالح شركات مقدمي الخدمات والباخرتين التركيتين (9 ملايين دولار شهرياً)، بالإضافة الى الدولة السورية (14 مليار ليرة)، وهو ما يهدد بوقف استجرار الطاقة الإضافية من خارج معامل الإنتاج، وصولاً الى توقف الشركات عن العمل وتوقف مستخدمي المؤسسة عن العمل أيضاً، ولا سيما أن الوضع الناشئ حالياً يمنع تسديد أجور الساعات الإضافية وبدلات النقل وتعويضات مخاطر العمل... ويضيف المسؤول نفسه، إن المؤسسة تعمل على إيجاد الحلول يوماً بيوم، ولكن توقف الجباية سينعكس حتماً على استقرار إمدادات الوقود للمعامل، فالمؤسسة مسؤولة عن تسديد جزء من كلفة بواخر الوقود والضرائب عليها، وبالتالي لن تقبل أي باخرة بتفريغ حمولتها في حال باتت المؤسسة عاجزة عن تأمين الأموال اللازمة.يقول مصدر نيابي معني بحل أزمة الكهرباء إنه كان يُفترض أن يتبلور حل سياسي للأزمة يوم أول من أمس، وفق «إخراج» يقضي باستيعاب بضع مئات ممن عملوا سابقاً كجباة مياومين لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان في قسم المتأخرات في المؤسسة. كان من شأن صيغة الحل هذه أن ترفع عدد المياومين السابقين الذين سيتم تثبيتهم في ملاك المؤسسة. إلا أن مصدراً معنياً آخر نفى أن تكون صيغة الحل المتداولة تقوم على زيادة العدد عبر ضم جباة الإكراء، فالوظائف التي حددتها مذكرة المؤسسة الى مجلس الخدمة المدنية (897 وظيفة) تشمل أصلاً عدداً من جباة الإكراء ضمن الفئة 5-1.المصدر النيابي يصر على معلوماته، متكهناً بأن سبب تعثر مساعي الحل قد يكون كشف «لجنة متابعة المياومين» عن الصيغة المطروحة، وإعلانها «استعدادها لتسهيل دخول وفد من إدارة المؤسسة (إلى مبناها المركزي) لاستكمال اللوائح الاسمية للجباة». وبحسب هذا المصدر، فمجرد نشر هذا الإعلان شكل إهانة للمؤسسة وللفريق السياسي الممسك بملف الطاقة، ومثل سبباً كافياً لتعطيل مسعى الحل الذي كان مشروطاً بسرية الاتفاق. ينفي معنيون بالملف من الفريق السياسي المذكور مجرد علمهم بصيغة الحل المذكورة، معتبرين أن «حشر» بعض السياسيين لأنفسهم في مساعي حل الأزمة يؤدي إلى تخريبها، وأن لنشر معلومات غير صحيحة المفعول نفسه.
من جهتها، تنفي مصادر مجلس إدارة المؤسسة أن يكون أحد قد تحدّث معها بوجود صيغة حل، وأوضحت أن ما يجري تداوله بخصوص جباة الإكراء هو «قديم» ويعود الى تاريخ إرسال المذكرة الى مجلس الخدمة المدنية (آب الماضي)، إذ تضمنت المذكرة تعهداً بإرسال المعلومات عن جباة الإكراء لاحقاً (بعد أسبوع)، إلا أن إقفال المياومين للمبنى المركزي حال دون ذلك، وكل ما في الأمر أن مجلس الخدمة المدنية أرسل كتاباً يستوضح فيه مصير هذه المعلومات.