بيت لحم | بدءاً من ٢٢ تشرين الأول (أكتوبر) لغاية ١٥ تشرين الثاني (نوفمبر)، تنطلق الدورة الثانية من «بينالي قلنديا الدولي» للفنون المعاصرة راسمة خطاً متماسكاً لفلسطين التاريخية عبر الأماكن المختلفة التي تحتضن الأعمال المشاركة، بين مدن الضفة الغربية، وفلسطين ٤٨، وغزة التي قسمها الاحتلال ووثق عراها السياسيون.بعدما ترك انطلاق «بينالي قلنديا الأول» عام ٢٠١٢ جدلاً واسعاً حول ماهية المشروع وأبعاده، والتشكيك في القائمين عليه، والتحايل على مفهوم «قلنديا» الذي ارتبط طوال الوقت بمخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين، والحاجز الشهير «حاجز قلنديا»، جاء في هذه المرحلة ليتجاوز المكان ويرسم صورة أكثر وضوحاً عن واقع فلسطين.

في هذه الأيام، تستعد أكثر من 10 مؤسسات تعنى بالفنون البصرية في فلسطين (مؤسسة عبد المحسن القطان، جمعية الثقافة العربية، مؤسسة المعمل، مركز التقاء، شبابيك، المشغل، الأكاديمية الفلسطينية الدولية، مركز خليل السكاكيني، مؤسسة الحوش، بلدية رام الله، مركز رواق، والمتحف الفلسطيني) لإطلاق «بينالي قلنديا الدولي» بمشاركة 100 فنان فلسطيني وعالمي، وستنظم فعالياته في المدن الفلسطينية، كالقدس وحيفا وغزة والخليل ورام الله. يرفع البينالي شعار «الأرشيف حياة ومشاركة»، ويحتوي على سلسلة من المعارض والعروض الأدائية والأعمال التركيبية ومقاربات مفاهيمية وأعمال الفيديو، وندوات مع متحدثين محليين وأجانب، وجولات ميدانية تسلط الضوء على القيم الجمالية لمعالم معمارية ومكانية في فلسطين. ويحمل هذا الشعار دعوة ولو ضمنية لإعادة تشكيل الوعي الجمعي، واستعماله في حدث وطني يعزّز عنصر التذكر وحفظ هذا الارشيف الروائي وتحويله إلى مادة بصرية تبقى شاهداً للمستقبل.
يعكس «بينالي قلنديا» واقع المنطقة السياسي وما تحفل به من تناقضات وتحولات مفاهيمية وتاريخية واجتماعية. من هذه الموقع، كان مطار القدس الدولي، ليتحول إلى مطار قلنديا بعد احتلالات عام ١٩٦٧. ورغم وجود قرية قلنديا، إلا أن مخيمها استحوذ على شهرة أكبر لما قدمه ويقدمه من نهج نضالي مستمر ولما يعانيه أهل المخيم من تهميش سياسي وإنساني، ليلحق بها بعد ذلك حاجز قلنديا الذي يفصل بين القدس ورام الله، بما يعني فلسطين التاريخية والضفة الغربية.
وقد لعب الإعلام المحلي والدولي دوراً مهماً في إبراز هذا المكان الذي يعكس صورة متماثلة عن باقي المناطق الفلسطينية نظراً إلى حجم التناقضات والفانتازيا الساخرة والمؤلمة لهشاشة الحدود الفلسطينية الناتجة من الاحتلال، مثلما حدث في قرية قلنديا نفسها. هذه القرية يسكنها فلسطينيون أقارب، نصفها أصبح داخل الجدار، والنصف الآخر خارجه منذ عام ٢٠٠٠!
يقدم «بينالي قلنديا الدولي» شكلاً مختلفاً عن العام السابق، ويُنشئ حواراً مفتوحاً على المكان (أي فلسطين) وعلى العالم من خلال المشاركة الفلسطينية والدولية، التي تجتمع كلها في خط متواصل ومتقطع في آونة واحدة: متماسك بأرض وإنسان وسماء فلسطين، ومتقطع بتعريف تلك المناطق التي تخضع للسلطة الفلسطينية أو للكيان المحتل، وتلك غير المعرفة مثل غزة أو مناطق «سي أو بي»، وما تخلفه الحواجز من فصل ذهني ولوجستي للأماكن ببعديها الاجتماعي والسياسي. وبالرغم من عدم واقعية الفن على التغيير السياسي، إلا أنه سيكسر المفاهيم التي حاول الاحتلال ترسيخها بالفصل العنصري وتقسيم الأرض والإنسان.

«بينالي قلنديا الدولي»: بدءاً من ٢٢ تشرين الأول (أكتوبر) حتى ١٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ـــ «جمعية الثقافة العربية» (حيفا)، «مؤسسة الحوش» (القدس)، «مركز التقاء» و«شبابيك» (غزة)، «مركز خليل السكاكيني» (رام الله) وغيرها.qalandiyainternational.