جنيف | أكثر من اشارة توخّاها الرئيس نبيه بري في اجتماعه بنظيره رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني، على هامش افتتاح اعمال الدورة الـ 131 للاتحاد البرلماني الدولي في جنيف امس:اولاها، تأكيده مجدداً على الحوار العربي ــــ الايراني كمدخل الى استقرار المنطقة، ومع دول الخليج خصوصاً، بعدما كان اسهب في الكلام عليه في زيارته الرسمية لطهران في تشرين الثاني 2013، وكانت الجمهورية الاسلامية باشرت اولى جولات حوارها مع الولايات المتحدة والغرب حول برنامجها النووي، وبدت حينذاك نوافذ حوارها مع الرياض شبه مفتوحة من خلال تبادل البلدين ايحاءات ايجابية الى الرغبة في حسن الجوار والتفاهم على ضمان استقرار المنطقة.

اوضح بري امام نظيره الايراني ان الحلول المطلوبة «ليست على طريقة حلول افتخارات من دون جدوى على الارض، بل من خلال التقارب العربي ــــ الايراني خصوصاً. منذ زيارتي طهران، كانت الجمهورية الاسلامية، وليس الآن فحسب، متحمسة ومشجعة لهذا الحوار. واعتقد ان الاتصالات اتخذت منحى اكثر قوة مع المملكة العربية السعودية».
ثانيها، تشديد بري على تقدير الهبة العسكرية التي اعلنت ايران اخيراً استعدادها لتقديمها الى الجيش اللبناني بغية دعمه في حربه الضارية مع الارهاب. ورغم الجدل المتشعب الناجم عن زيارة الامين العام لمجلس الامن القومي الايراني علي شمخاني لبيروت قبل اسابيع، واقترانها بالهبة العسكرية، وانقسام الموقف اللبناني بين مؤيد لها ومعارض، قدّر بري المبادرة الايرانية وحرص على اظهار تأييده لها ما دامت تفضي الى منح الجيش مزيداً من القدرات العسكرية، قائلا للاريجاني: «اننا نعوّل كثيرا على المؤسسة العسكرية لمحاربة الارهاب».
بدوره لاريجاني اكد «استعداد ايران لتقديم كل ما يساعد على تعزيز امن لبنان واستقراره، لأنها تعوّل على دوره في المنطقة»، مشيرا الى «اننا دائماً الى جانب أبناء الشعب اللبناني. بالنسبة الينا، فإن أمن لبنان وقوته موضوع اساسي لأن في وسعه الاضطلاع بدور كبير على مستوى الأمن في المنطقة ككل». بيد انه سارع الى القول ان لا قيود على الهبة العسكرية الايرانية للجيش اللبناني.
ثالثها، انتقال ملف الارهاب، وخصوصاً بعد صعود تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، الى صدارة احداث المنطقة. في اللقاء الاخير بين بري ولاريجاني في طهران في تشرين الثاني، بدا التركيز على الحرب السورية وسبل انجاز تسوية سياسية لها، وأطلق رئيس المجلس من هناك موقفه القائل بعدم استبعاد طهران عن اي خطوة تتوخى استقرار المنطقة،
اتصالات ايران
اتخذت منحى اكثر قوة مع المملكة العربية السعودية

ما دامت الجمهورية الاسلامية عنصراً جوهرياً في التوصل الى هذا الاستقرار وتعزيزه. كانت التيارات المتطرفة تصعد حينذاك ببطء الى قلب الصراع في سوريا وتنذر بتفاقم خطرها. بيد ان تطورات الاشهر القليلة المنصرمة قلبت أولويات المنطقة من غير ان تبدّل في مواقع أفرقائها الرئيسيين، وأخصها ايران ودورها في مواجهة الارهاب.
من مخاوفه على تقسيم سوريا من جراء استمرار حربها دونما انجاز تسوية سياسية لها عبّر عنها لاشهر خلت، من طهران بالذات، الى مخاوف اكثر اتساعا ابرَزَها بري في لقائه لاريجاني بقوله «ان ما يحصل الآن في المنطقة هو تقسيم المقسّم. وها هو سايكس بيكو ينتهي بين العراق وسوريا، والتركيز الآن على انهائه ايضاً بين سوريا ولبنان، وبين لبنان وفلسطين». اضاف: «استطيع القول ان اكثر من 80 في المئة من العالم العربي يعيش الكارثة التي تضرب المنطقة تحت وطأة الارهاب، وان الباقي من العالم العربي ليس في منأى عنها»، مبدياً اعتقاده بأن «الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة داعش ليس جاداً في الواقع الميداني»، لافتاً الى أن اسرائيل هي «المستفيد الاول مما يجري الآن». لكنه وصف الوضع في لبنان بأنه دقيق، قائلاً: «اذا توحّد اللبنانيون وعززوا وحدتهم، لن تكون ثمة مشكلة. فقد انتصرنا على اسرائيل بمقاومتنا ووحدتنا».
وكان المؤتمر البرلماني الدولي افتتح اعماله قبل ظهر امس في مقر الامم المتحدة في جنيف، بمشاركة رئيس المجلس ووفد ضم النواب عبداللطيف الزين ومحمد قباني وجيلبرت زوين واميل رحمة.
على هامش اعمال المؤتمر استقبل بري رئيس مجلس الشعب السوري محمد جهاد اللحام، ثم رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري الذي قال: «حصل توافق بيننا على طبيعة التحديات التي تواجه المنطقة، والعراق على نحو خاص. استفدنا من بعض ما جرى طرحه، وكان التركيز على اهمية وحدة الشعوب العربية في مواجهة التحديات الارهابية التي تستهدف الوحدة العربية ووحدة الشعوب في المنطقة». وقال بري: «الهمّ العراقي هو همّ لبنان والامة العربية والاسلامية جمعاء. وسنوجه دعوة رسمية لدولته لزيارة لبنان كي نبحث في الاوضاع في العمق».
وكان بري اجتمع مساء الاحد مع رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس الامة الكويتي مرزوق الغانم قبل الاجتماع التشاوري للمجموعة البرلمانية العربية، وبحث معه في عدد من القضايا المدرجة في جدول الاعمال، منها انتخاب رئيس جديد للاتحاد البرلماني الدولي وموضوع الارهاب والقضية الفلسطينية. والتقى رئيس الوفد الفلسطيني تيسير قبعة.
كذلك شارك في اجتماعين للمجموعة البرلمانية العربية الاحد وامس، اتفق فيه على دعم اقتراحي الامارات العربية المتحدة والاكوادور حيال القضية الفلسطينية ومواجهة الارهاب.