الحلقة ٦٩
- لماذا يتكرَّر اسم باخ في مكتبتكم الموسيقية؟
- لأنّ باخ لا يتكرَّر.
من يتابع هذه المكتبة، التي، ولمرّة أخيرة، سيتم تغذيتها بوتيرة عالية من الآن وصاعداً، عليه أن يدرك أننا لن ننتظر أن نمرّ على كل أنماط الموسيقى ورموزها قبل أن نعود مرة جديدة إلى أسماء مثل باخ، موزار وبيتهوفن ومن الوطن العربي زياد الرحباني وفيروز والأخوين رحباني. هذه الأسماء وقلة غيرها سنلجأ إليها دائماً، وقد نتوقف عندها لأكثر من حلقة متتالية أحياناً.
لحلقة اليوم اخترنا عملاً من ريبرتوار المؤلف الألماني باخ. الحلقة الأولى حجزناها له وتحديداً لمقدِّمة ”المتتالية الإنكليزية الثانية“. عدَد ”المتتاليات الإنكليزية“ عند باخ هو ستة، وهي للهاربسيكورد المنفرد (يُستبدل بالبيانو غالباً اليوم)، نسمع في هذه الحلقة من المتتالية الأخيرة، الرقم 6، مقدِّمتها (المقطع المرفَق الأول) وختامها (المقطع المرفَق الثاني). لا شيء يمكن قوله حول هذه الموسيقى سوى ملاحظتَيْن، الأولى: عموماً، يعتمد باخ الإيقاع السريع في مقدمة أي من متتالياته (وهكذا هي الحال عند غيره من مؤلفي حقبة الباروك). لكن في مقدِّمة هذه المتتالية يلجأ إلى توليفة إيقاعية مميَّزة، إذ يستهل المقدِّمة بإيقاع بطيء، ثم ينتقل فجأةً إلى الإيقاع السريع. بالتالي يمكن اعتبار مطلع المقدِّمة (حتى دقيقة و44 ثانية) بمثابة مقِّدمة للمقدِّمة.
الملاحظة الثانية، لمن لديه الحد الأدنى من المعرفة بالنظريات الموسيقية: لكل من هذه المتتاليات الإنكليزية نغمتها، كأي مقطوعة موسيقية نغمية. وهي على التوالي ”لا“ (La أو A)، ”لا“ مرة ثانية، ”صول“ (Sol أو G)، ”فا“ (Fa أو F)، ”مي“ (Mi أو E) و”ري“ (Ré أو D). وهذه في الوقت عينه النوتات الست الأولى من أحد أجمل وأشهر أعمال باخ: Jesu, meine Freude. من هذه ”الألاعيب“ نجد العشرات عند باخ!