جنيف | في الاول من تشرين الاول تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة من الامين العام لمنتدى الاستثمار العالمي يدعوه الى المشاركة في «قمة قادة الاستثمار» التي تنظمها الامم المتحدة بالتعاون مع الاتحاد البرلماني الدولي، متحدثاً رئيسياً في اليوم الثالث لأعمال المنتدى ما بين 13 تشرين الاول و16 منه.
كان بري المتحدث العربي الوحيد، مازجاً بين السياسة والاقتصاد، متطرقاً الى الحال اللبنانية بالتداعيات الاقليمية عليها، فيما تناول المحاضرون والمعقبون طموحات الاستثمار الخاص في حجم قارات الارض كلها.
لدى ارفضاض المنتدى قال بري في تقويمه لما أصغى: «هم تحدثوا عن بلادهم، وأنا تحدثت عن بلادي. كأن الدنيا في ألف خير»، في إشارة الى تركيز المشاركين على شق رئيسي هو الاستثمار ـــ هو محور الندوة المتخصصة ـــ فيما ارتأى رئيس المجلس ربط الاستثمار والتنمية بالاستقرار والسلام، بقوله «حيث تدخل الحرب من النافذة، يخرج الانماء من الباب». سرعان ما استعارت رئيسة مجلس النواب الاوسترالي برونووين بيشوب العبارة نفسها كي تدعم الموقف اياه، إلا أنها تطرقت الى معادلة مغايرة هي ربط الاستثمار بالرخاء وليس بالسلم فقط. كانت هي نفسها التي مثلت قبل ثلاثة ايام امام المجموعة البرلمانية العربية والاسلامية تطلب تأييدها لترشيحها رئيسة للمؤتمر البرلماني الدولي. الا أن المجموعة العربية والاسلامية رفضت بعدما دافعت بيشوب بحرارة عن إسرائيل، وأيدت سياستها ضد الفلسطينيين.
إلى رئيس البرلمان اللبناني، ثلاثة متحدثين هم الامين العام لمؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية موخيسا كيتويي، وز. زون ود. كارتر، وأدار الندوة ج. روبرتسون من محطة بي. بي.سي، بينما تولى التعقيب على المدخلات كل من أ. بيكتيه وب. روبرسون ور. كوهين. تحدثت كذلك بيشوب وممثل الشباب في الامم المتحدة احمد الهنداوي.
استهل بري كلمته متسائلا: «أليست التنمية المستدامة تلبية احتياجات الاجيال الحالية والمستقبلية؟ أليس فتح ابواب العمل ودمج المحرومين والمهمشين في المجتمع يعني سياسيا منح كل انسان رجلا ام امرأة صوتا وحقا في الاختيار، وهو ما نسميه الديموقراطية؟ أليست التنمية المستدامة توأماً لحماية البيئة كما ورد في قمة الارض التي انعقدت عام 1992 في ريو دوجينيرو؟».
مشكلة لبنان
نابعة من عدم استكمال اسرائيل
تنفيذ القرار 1701 واستمرار الخروقات


وأورد ارقاماً تناولت وجود «مليار و200 مليون انسان لا يزالون محرومين في العالم من الكهرباء، و870 مليونا يعانون من سوء التغذية، و780 مليونا لا يحصلون على مياه الشرب المأمونة، ومليارين و500 مليون محرومين من خدمات الصرف الصحي. فلماذا لا يكون هناك قانون بيئي موحد في كل العالم وفي كل الاوطان ملزم في الوقت نفسه؟ لماذا لا يستحدث قانون سيادي في كل دولة لأجل التنمية المستدامة بدعم من الدول الغنية حيث تدعو الحاجة؟».
اضاف: «بالنسبة الى لبنان، أوكد اهمية منتدى الاستثمار العالمي في تضييق الهوة الكبيرة القائمة في البنية الاقتصادية الدولية. وهذا مهم جداً للبنان الذي يرحب باطار عمل هذا المنتدى في سياسة الاستثمار للتنمية المستدامة على رغم الوضعين السياسي والامني. عام 2013 جذب لبنان حوالى مليارين و800 مليون دولار اميركي. وأود ان أوكد والفت المؤتمر الى نشوء مشكلات جديدة لم تكن متوقعة في طليعتها ما يشهده الشرق الاوسط من احداث تعكس نفسها في الطليعة على لبنان، ومنها ازمة مليون ونصف مليون نازح سوري، وحوالى 100 الف نازح فلسطيني من مخيمات سوريا زادوا في نسبة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لتبلغ نصف مليون. ان عدد هؤلاء النازحين بلغ واحداً على اثنين من السكان، وهم يرتبون أعباء جديدة في مجالات السكان والماء والكهرباء والبيئة. والدعم الدولي في هذا الاطار لا يكفي لمعالجة مشكلة النازحين. كذلك بالسماح للشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة، بالاضافة الى مشكلة لبنان النابعة من عدم استكمال اسرائيل تنفيذ قرار مجلس الامن 1701 والقرارات الاخرى، واستمرار الخروقات الاسرائيلية لاجوائه ومياهه الاقليمية واراضيه».
ودعا بري الى تعزيز الجهود الدولية «في اطار مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان في الامم المتحدة واطار هذا المنتدى العالمي للاستثمار أولاً، ودعم لبنان لمواجهة تصاعد الارهاب ثانياً، وتعزيز موقعه كمركز للسلام وحوار الحضارات وكمركز مستقبلي لسوق عربية ومتوسطية مشتركة ثالثاً، ودعم جهود دول المنطقة لمواجهة الارهاب التكفيري ومحاولة تهجير فئات من السكان وبالتالي تقسيم المقسّم في المنطقة في سوريا والعراق رابعاً».
وخلص الى القول: «كما تعلمون، حيث تدخل الحرب من النافذة، يخرج الانماء من الباب. وحيث الارهاب لا تنمية».
كانت تعاقبت أفكار المتحدثين والمعقبين على تأكيد تمييز الاستثمار عن التجارة ما دام يتوسّل الذهاب الى الخارج، وابراز دور الحكومات وخططها في رعاية الاستثمار والقطاع الخاص عبر توفير البنى التحتية في دول الاستثمار، وتخفيف القيود كقطب جذب للرساميل التي يقتضي عدم الاكتفاء بها، بل التركيز ايضاً على رأسمال بشري يمثل اساسا قويا للتنمية. تحدثوا عن البلدان الفقيرة الأقل اجتذاباً للإستثمار، ووجدوا في الشفافية والافساح الملائم مفتاح ضمان استمرار التنمية المستدامة. أبرزوا أهمية الجانب الاجتماعي في الاستثمار في التعليم والصحة وتدريب العاطلين عن العمل لتسهيل حصولهم على وظائف، كأحد اهداف التنمية.
حمل هذا الجانب أحد المعقبين على التساؤل: «ماذا يحدث اذا أهمل الجانب الاجتماعي في بلد كلبنان هو على شفير حرب؟».