القاهرة| لا يزال الصحافيون المصريون عرضة للتحقيقات ولحظر النشر من دون معايير واضحة أو معلنة. وكما شهدت الأشهر الأخيرة تدخلات رقابية أدت إلى حذف بعض الصحف لانفرادات من طباعتها الأولى، عادت أيضاً البلاغات التي رفعتها الجهات الحكومية أمام النائب العام هشام بركات ضد الصحف والصحافيين. هكذا مثّل رئيس تحرير «المصري اليوم» علي السيد وزميله في الجريدة أحمد يوسف أمام نيابة أمن الدولة العليا بسبب بلاغ قدمته وزارة الداخلية يت
هم الجريدة بـ«تكدير السلم العام واختلاس أوراق من النيابة».
بداية القصة عندما أعلنت «المصري اليوم» كبرى الصحف الخاصة في مصر، عن نيتها نشر تفاصيل جديدة في قضية «مخالفات الانتخابات الرئاسية 2012».
وهي القضية التي حركها الفريق أحمد شفيق الذي كان المنافس الأول للرئيس المعزول محمد مرسي خلال الانتخابات. وقد اتهم شفيق يومها جهات عدة بالتدخل لفوز مرسي. ورغم تغير الأوضاع السياسية في مصر، لا تزال القضية تحظى باهتمام الشارع، وخصوصاً أنّ شفيق يقيم في الخارج ولم يعد إلى القاهرة، على عكس التوقعات التي أشارت إلى عودته فور عزل مرسي.
وحالما أعلنت «المصري اليوم» عن نيتها النشر، جدد النائب العام قرار الحظر والتزمت به الجريدة.
تحويل بلاغ إلى النائب العام
ضد «المصري اليوم»



وكان النائب العام قد اعتاد حظر النشر في هذه القضية طوال العامين الماضيين، لكن وزارة الداخلية لم تكتف بالتزام «المصري اليوم» بالقرار، بل حرّكت بلاغاً أمام النائب العام وحوِّل سريعاً إلى نيابة أمن الدولة العليا. هذا التحرّك دفع «المصري اليوم» والكثير من الصحافيين إلى التعبير عن خوفهم من هذه الممارسات التي تهدف إلى وأد أي محاولات مستقبلية من الصحف الخاصة لنشر ما يصلها من مستندات حول قضايا عدة لا تزال معلقة، ومعظمها مرتبط بالكثير من الأحداث الجسام التي شهدتها مصر في السنوات الأربع الأخيرة.
وكانت النيابة قد أفرجت عن علي السيد وزميله أحمد يوسف في ساعة مبكرة من صباح أمس بكفالة قدرها أقل من 300 دولار من دون الإعلان عن موعد استدعائهما مجدداً لاستكمال التحقيقات. والمعتاد في قضايا مماثلة أن تظل التحقيقات متجمدة حتى تستغل كورقة ضغط إذا عادت الصحيفة وحاولت الخوض في الملف برمته مرة أخرى.
اللافت أن الإعلاميين المحسوبين على نظام حسني مبارك ممن انضموا إلى قاطرة أحمد شفيق بعد «ثورة يناير»، أكّدوا مراراً في برامج تلفزيونية أنّ الإخوان المسلمين نجحوا في تزوير الانتخابات لترجيح كفة مرشحهم. هذا الكلام غير ثابت قانوناً حتى الآن. والقضية التي حاولت «المصري اليوم» نشر مستنداتها لم تصدر بشأنها أحكام نهائية بعد. في الوقت نفسه، لم يحاسب أحد من الإعلاميين أصحاب تلك التصريحات التي تدين في الوقت نفسه المجلس العسكري الحاكم وقتها، على رأسه وزير الدفاع الأسبق المشير محمد حسين طنطاوي لأنه كان المشرف على الانتخابات، وبالتالي هو مسؤول عن نتيجتها. كل هذه علامات استفهام تحيط بقضية واحدة من تلك التي تشغل المصريين بعد «ثورة يناير»، لكن تظل الإجابات الكاملة مفقودة في ظل حظر النشر وبلاغات وزارة الداخلية ضد الصحف المصرية.