تونس | جدل كبير يعيشه الوسط الثقافي التونسي بعد الزيارة التي قامت بها أخيراً مجموعة من الفنانين لبيت زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي، وحضرها عدد من قيادات الحزب الإسلامي الأوّل في البلاد. اللقاء نظّمته «جمعية فن وديموقراطية» القريبة من «النهضة»، وجمعت فيه عدداً من الفنانين، من بينهم المدير السابق لـ»مهرجان الحمامات الدولي» فتحي الهداوي، وثلة من نجوم التلفزيون كتوفيق البحري، وزهير الرايس، وخديجة بن عرفة ورانية القابسي.
أما من المغنين، فكان حسين العفريت ونور شيبة. كذلك حضر نائب رئيس «النهضة» عبد الفتاح مورو، ومحرزية العبيدي نائبة رئيس «المجلس الوطني التأسيسي»، وعامر العريض القيادي في الحركة. وبعد اللقاء، أكدت «جمعية الفن والديموقراطية» في بيان لها أن حركة «النهضة» عبّرت «عن مساندتها للفنانين والمثقفين حتى يكونوا قدوة للرأي العام».
هذه الزيارة استقبلها الشارع الثقافي باستهجان، وعُدّت محاولة من «النهضة» لتوظيف الفنانين بهدف تجميل وجهها الذي خبره التونسيون، وخصوصاً الفنانين الذين عانوا من اعتداءات أنصار الحركة وميليشيات حماية الثورة التابعة لها على غرار الاعتداء على قاعة سينما «أفريكا آرت» التي أغلقت من يومها، أي في شهر حزيران (يونيو) ٢٠١١. كذلك، لا أحد ينسى الهجوم العنيف على المسرحيين أمام المسرح البلدي في «اليوم العالمي للمسرح» عام ٢٠١٢، أو الاعتداء على المفكّر يوسف الصديق في القيروان (تبعد 160 كيلومتر عن العاصمة) وغير ذلك من سجلّ إجرامي استهدف المثقفين والإعلاميين طوال أربع سنوات تقريباً من قبل أنصار «النهضة» وقريبين منها. الفنانون الذين استقبلهم الغنوشي لم يثيروا أيّاً من هذه القضايا، كذلك إن غالبيتهم تنقصهم الأهلية لإثارة هذه القضايا، كما قال حمادي الوهايبي رئيس «الاتحاد العام للفنانين التونسيين» لـ»الأخبار». وأشار الوهايبي في تعليق على هذا اللقاء إلى أنّ «النهضة» «غير جادة في معالجة قضايا الثقافة والفن. وعندما كانت في الحكم، لم تفعل شيئاً من أجل ذلك. ولو كانت جادّة، لتحدّثت مع النقابات الممثلة للفنانين ودرست معهم إمكانيات معالجة القضايا الثقافية». يذكر أن عهد «الترويكا» مثّل انحداراً ثقافياً على جميع المستويات، فأشغال مدينة الثقافة معطّلة، وميزانية وزارة الثقافة تراجعت إلى النصف. كذلك يعاني عدد من الفنانين غيابَ الرعاية الصحية والاجتماعية. ويبدو أن هذا اللقاء الذي أرادته «النهضة» خطوة لتجميل صورتها أعطى نتائج عكسية. الفنانون الذين دعتهم الحركة، لم ينجحوا في الإقناع بجدوى هذا اللقاء ولا مقاصده الحقيقية. ويقود عدد من الكتاب والباحثين والفنانين منهم ألفة يوسف، ومحمد الصغير أولاد أحمد، ورجاء بن سلامة، وعبد الوهاب المنصوري حملة لكشف الجرائم التي ارتكبتها الحركات الإسلامية ضدّ حرية الرأي، ويذكّرون بمحطات الاغتيال والسجن والعنف الذي تعرّض لها عدد من المفكرين والفنانين بسبب أفكارهم، سواء في تونس أو العالم العربي، منهم التونسي الراحل العفيف الأخضر، ويوسف الصديق، والسوري الراحل مصطفى العقاد، والمصري نجيب محفوظ، والمصري فرج فودة وغيرهم.