لم يخفِ وزير العدل أشرف ريفي، أن تأييده اقتراح نائب «القوات اللبنانية» إيلي كيروز، بإلغاء المحكمة العسكرية، أتى بعد قرار قاضي التحقيق العسكري إصدار مذكرة توقيف بحق الشيخ مصطفى الحجيري، و«القرار هو النقطة التي طفحت الكيل»، بحسب تصريح لوزير العدل.
تأييد ريفي لاقتراح القانون الذي تقدّم به كيروز إلى المجلس النيابي في نيسان الماضي ليس مستغرباً، بما أن كيروز قدّم اقتراحه وقتها بالاتفاق والتنسيق مع ريفي. غير أن التوقيت الذي اختاره وزير العدل، قبل جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، «شكّل مفاجأة، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يواجه فيه الجيش الإرهاب» على ما تقول لـ«الأخبار» مصادر عسكرية.
وتلاقي دعوة ريفي لـ«إصلاح القضاء وتطويره كما في الدول الحديثة»، الحراك والمطالبات الحقوقية التي نادى بها عددٌ من الناشطين الحقوقيين على مدى العقدين الماضيين، لتقليص صلاحيات المحكمة العسكرية. ويقول المحامي الناشط في قضايا الحريات نزار صاغية، إن «موقف الوزير يتوافق مع المطالبات الحقوقية للحدّ من صلاحيات المحكمة العسكرية أو إلغائها، وهو يتناسب مع ما يحصل في المنطقة من تغيّرات، حيث يجري إلغاء المحاكم العسكرية في أكثر من بلد حول لبنان، فهي لا تؤمن الظروف المناسبة لحقوق المتهمين في الدفاع. كذلك الناظرون في القضايا ليسوا قضاة، بل ضباطاً في الجيش». لكن صاغية يتمنى أن «لا تكون المطالبة بإلغاء المحكمة العسكرية وتطوير القضاء خارج دائرة التجاذب السياسي»، وأن «يُحصَر الأمر في الشأن الحقوقي».
من جهته، يقول ريفي لـ«الأخبار» إن «المطالبة بإلغاء المحكمة العسكرية أو الحدّ من صلاحياتها في أسوأ الأحوال، هو مطلب حقوقي ولا علاقة له بالسياسة». وعن التوقيت، يقول ريفي إنه «لا نريد أن نحمل كل أخطاء المحكمة العسكرية، لأن من يحاكمون المتهمين هم ضباط في الجيش وليسوا قضاة». ثمّ يضيف: «لا يمكن أن يستمر البلد في شتاء وصيف تحت سقف واحد»! ويتابع الوزير مؤكّداً أن «حل مشكلة المحكمة العسكرية هو استكمال لحلّ أزمة «وثائق الاتصال» التي اتخذت الحكومة قراراً بشأنها، وهي تسير على درب الحلّ، لكن تحتاج إلى المزيد من الوقت لتنتهي».
ريفي: حل مشكلة المحكمة العسكرية هو استكمال لحلّ أزمة «وثائق الاتصال»
تأكيدات الوزير أن موقفه لا علاقة له بالسياسة بل بتطوير القضاء في لبنان، لا تقنع المصادر العسكرية. إذ تشير إلى أن «الجيش الآن يواجه الإرهابيين ويتعرّض لحملة تشويه وتحريض شعواء، مضافاً إليها عمليات الاعتداء المتكررة في الشمال وعرسال، وبالتالي المطلوب دعم الجيش وليس التحامل عليه». وتقول المصادر إن «الكلام عن الإصلاح كلام حقّ يراد به باطل، لأن الدول الأكثر تقدماً وحضارة في العالم، عندما تتعرّض لاهتزازات داخلية واعتداءات ومخاطر من الإرهاب، تقدّم الأمن على أي شيء آخر، وبعضها حتى يلجأ إلى الأحكام العرفية، فكيف ببلدٍ كلبنان يتعرّض لهجمة إرهابية، فضلاً عن أنه يعاني من الاحتلال الإسرائيلي وهو في حالة حرب دائمة مع العدو». وتقول مصادر عسكرية أخرى، إن «إثارة ريفي هذا الموضوع بالذات هدفها الحدّ من قدرة استخبارات الجيش كجهاز على ملاحقة الإرهابيين بفاعلية، وردعهم عن الإخلال بالأمن وتعريض البلاد للخطر، وهو يعطي لهم هامش حركة بدل رفع الغطاء عنهم».
من جهتها، تحمل مصادر نيابية بارزة في فريق 8 آذار على كلام ريفي بعنف، مشيرةً إلى أن «كلام ريفي يأتي على خلفية تصدّي الجيش للإرهابيين بفعالية في الآونة الأخيرة». وتشير إلى أن «وزير العدل يدّعي الإصلاح، فيما هو يحاول من جهة تعطيل قدرة المحكمة العسكرية، ومحاولة استمالة القضاة من جهة ثانية بإجراءات أمنية خاصة بهم، وبالتالي حصرهم في نظام بوليسي». وتختم المصادر بالقول: «حبذا لو يعمل ريفي على المساهمة في حفظ أمن طرابلس وحماية ظهر الجيش في الشمال، بدل التصويب عليه، قبل الحديث عن الإصلاح».