«كولوسيوم الكرة». هذا هو الاسم الذي يصح أن نطلقه على ملعب «أولمبيكو» الشهير في العاصمة الإيطالية روما. الملعب الأولمبي القديم بات هذه الأيام أشبه بذاك الصرح الشهير الذي لا يزال واقفاً ويحكي عن تاريخ روما، وعن الحشود التي ما انفكت تأتي لتتابع العروض المثيرة.
في هذه الأيام الوضع مشابه، إذ إن جماهير فريق روما تزداد تباعاً، ومباراة بعد أخرى، وهو أمر يمكن لمسه من خلال متابعة مباريات الفريق عبر شاشة التلفزيون، وذلك في وقتٍ سُجل فيها تراجع لجماهير الفرق الأخرى في الدوري المحلي. أما السبب لهذا الإقبال على الملعب الأولمبي، فهو العروض الجميلة للفريق النبيذي الذي جعل جماهيره تسكر بأدائه الرفيع، وهو الذي سار منذ الموسم الماضي في مستوى تصاعدي، وكان لديه الجرأة لمنافسة يوفنتوس على اللقب المحلي، وهو الأمر الذي افتقدته الفرق الأخرى في الـ»سيري أ».
الآن روما في وضعٍ أفضل من الموسم الماضي، فهو لم يخسر سوى مرة واحدة، وكانت أمام يوفنتوس في مباراةٍ مثيرة للجدل بكل المقاييس. لكن بعيداً من هذه الخسارة، باتت كل الفرق تحسب ألف حساب قبل زيارتها الملعب الأولمبي في العاصمة. فهناك أسود قادرة على التهامها بفعل قدرات هجومية رهيبة يقودها «الأسد العجوز» فرانشيسكو توتي، الذي لا يزال قادراً على افتراس ضحاياه بسهولةٍ تامة.
الأجنحة هو
السلاح الأقوى لروما وبايرن ميونيخ




في 31 دقيقة أمام سسكا موسكو، كان «الرومان» قد سجلوا 4 أهداف لتنتهي المباراة بفوزٍ عريض 5-1، وجّه رسالة قوية إلى كل المنافسين بأن طموحات فريق المدرب الفرنسي رودي غارسيا تتخطى الحدود الإيطالية.
ومساء اليوم سيكون غارسيا ورجاله أمام أقسى اختبارٍ لهم منذ زمن، فهم يواجهون فريقاً من الجلادين أنزل حكم الإعدام بفيردر بريمن في نهاية الأسبوع الماضي عندما سحقه بسداسية نظيفة. هو الفريق البافاري الذي لم يتذوق طعم الهزيمة في 11 مباراة في المسابقات المختلفة، وتحديداً منذ خسارة «احتياطييه» أمام بوروسيا دورتموند في الكأس السوبر الألمانية. كذلك حافظ البافاريون على نظافة شباكهم في 8 مباريات متتالية، ولمدة 748 دقيقة، إذ يعود الهدف الأخير الذي هزّ شباك مانويل نوير إلى 30 آب الماضي في المباراة أمام شالكه (1-1).
هي من دون شك موقعة صعبة على الفريقين، لكن من يتابع مبارياتهما بدقّة يمكنه التوقف عند سلاح يستخدمانه بكثرة في الحالة الهجومية، هو الاعتماد على الأجنحة. وربما لا حاجة للحديث عن بايرن ميونيخ على هذا الصعيد، إذ عُرف بسلاحيه القاتلين على الميمنة وعلى الميسرة، أي الفرنسي فرانك ريبيري والهولندي أريين روبن اللذين اعتادا صناعة الأهداف وتسجيلها بوفرة.
وعند هذه النقطة يمكن الذهاب للحديث عن روما الذي أصبح أقوى في هذه الناحية منذ انطلاق الموسم الجديد، فالعاجي جرفينيو سرق النجومية من الجميع وحتى من «الملك» توتي في مباريات عدة بفعل رسم غارسيا خطة تخلق له مساحات للتحرك. وتزداد فعالية روما على هذا الصعيد بوجود الأرجنتيني إيمانويل إيتوربي هذا الموسم، وهو بسرعته الفائقة أصبح يحمل لقب «إيتوربو».
هما فريقان يملكان عناصر الخبرة وعناصر سريعة وعناصر مهارية، إضافة إلى مدافعين أصحاب قلوب قاسية، لعل أكثرهم تداولاً حالياً هو المغربي بنعطية الذي وصلت به قساوة القلب إلى ترك فريق العاصمة الإيطالية للانتقال إلى البافاري، فحلّ مكانه «صخرة» أخرى هو اليوناني كونستانتينوس مانولاس.
لا رحمة في مواجهات من هذا النوع، هو أمر سنشهده من دون شك في لقاء الليلة، إذ البقاء للأقوى، وهو أمر يعتنقه تماماً «الأسود» و»الجلادون» الذين لن يكونوا أصدقاء يوماً على أرض الملعب، فأصحاب الأرض ليسوا بالمضيفين اللطفاء أبداً، والضيوف نادراً ما يدخلون ساحات القتال من دون حمل كل العتاد اللازم لجلب الانتصار الكبير.
روما - بايرن ميونيخ، موقعة تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، إلى تاريخ خالد عاشه «الملعب» الأضخم في العاصمة الإيطالية قبل مئات السنوات.