في انتظار ما ستنتج منه المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني في 24 تشرين الثاني المقبل، تسعى كافة الأطراف إلى تهيئة أرضية مناسبة لهذا الاتفاق، مع الأخذ في الاعتبار العراقيل التي يمكن أن يضعها الكونغرس الأميركي أمام رفع العقوبات، وذلك بموازاة ضغط وشجب إسرائيلي لأي نتيجة قد تخرج عن المفاوضات، لمصلحة إيران.
فعلى الجانب الأميركي والإسرائيلي، عاد التباين في وجهات النظر حول الملف النووي الإيراني، إلى الواجهة، في ظل تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من أن احتمال التوصّل إلى اتفاق دولي مع إيران، سيمكّنها من تصنيع قنبلة نووية خلال فترة قصيرة، مشيراً إلى أن إيران النووية أخطر على إسرائيل من تنظيم «داعش». ويأتي ذلك في وقت ذكرت فيه صحيفة «نيويورك تايمز»، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يتّجه إلى عقد اتفاق مع إيران، بشأن برنامجها النووي، مع تجنّب قيام الكونغرس بالتصويت على الصفقة.
وأوضحت الصحيفة أنّه لا أحد يعرف ما إذا ما كانت إدارة باراك أوباما قادرة، خلال الأسابيع الخمسة، على عقد الصفقة التي يعتقد كثيرون داخل البيت الأبيض أنها الأهم لإدارة أوباما على صعيد السياسة الخارجية. وفيما أشارت «نيويورك تايمز» إلى أن الاتفاق مع إيران من شأنه تقويض قدرتها على صنع سلاح نووي، إلا أنها ذكرت أن البيت الأبيض اتخذ قراراً بأن يفعل الرئيس كلّ ما في وسعه لتجنّب تصويت الكونغرس.
وبحسب مسؤولين في طهران وواشنطن، فبينما يجادل المفاوضون بشأن عدد أجهزة الطرد المركزي المسموح بها لإيران والمكان الذي يسمح للمفتشين بزيارته، أشار الإيرانيون إلى أنهم سيقبلون، على الأقل مؤقتاً، تعليق العقوبات الصارمة التي خفضت كثيراً عائدات النفط وأنهت العلاقات المصرفية مع الغرب.
وفي هذا الإطار، أفاد مسؤولون بأن وزارة الخزانة الأميركية خلصت، في دراسة مفصلة غير عامة، إلى أن أوباما لديه السلطة لتعليق أغلب هذه العقوبات من دون السعي إلى تصويت من الكونغرس، لكن لا يمكن أوباما إنهاء هذه العقوبات بنحو دائم، إذ إن هذه الخطوة من حق الكونغرس فقط. ويتوقع مستشارو أوباما أن يخسروا التصويت في حال إجرائه.
وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية: «لن نسعى إلى تشريع من الكونغرس في أي اتفاق شامل يستمر لسنوات». كذلك أشار مسؤولون في البيت الأبيض إلى أنه «لا ينبغى أن يتفاجأ الكونغرس حيال الخطة»، لافتين الانتباه إلى جلسة استماع، في وقت مبكر من هذا العام، جادل فيها كبار المفاوضين حول أن أفضل طريقة للتأكد من إيفاء إيران بالتزاماتها هو تعليق العقوبات خطوة بخطوة».
التحرك الذي ينوي أوباما القيام به يأتي في وقت يرى فيه العديد من أعضاء الكونغرس أن الخطة تمثّل محاولة من جانب الإدارة لتهميشهم، وهي وجهة النظر التي يشدّد عليها بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين يرون أن تصويت الكونغرس أفضل وسيلة لتقييد صفقة قد تكون غير مرضية.
وفي هذا الإطار، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» أيضاً مقالاً لوزير الاستخبارات الإسرائيلي يوفال شتاينتز، أمس، عبّر فيه عن قلقه العميق من المسار الذي تسلكه المفاوضات القائمة حول البرنامج النووي الإيراني.
وقال شتاينتز إن «المفاوضات تذهب في الاتجاه الخاطئ، خصوصاً في القضايا الأساسية المتعلقة بتخصيب اليورانيوم».
وأضاف أنه رغم أن إيران عدلت في لهجتها في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد تولي حسن روحاني مقاليد السلطة خلفاً لأحمدي نجاد، فإن أي تغييرات جوهرية لم تطرأ على موقف إيران.
وأوضح الوزير الإسرائيلي أن «هذه اللهجة المخفّفة التي تنتهجها إيران اليوم يجب أن لا ينخدع بها العالم، ويجب على الرئيس الأميركي باراك أوباما المضي قدماً في سياسته التي تقول إنه لا يوجد أفضل من اتفاق أو صفقة سيئة مع إيران».
أما على الجانب الإيراني، فقد أعلن مساعد وزير الخارجية وكبير مفاوضي الوفد الإيراني عباس عراقجي، أمس، أن اجتماع خبراء بين إيران ومجموعة «5+1»، سيعقد يومي الأربعاء والخميس المقبلين، في العاصمة النمساوية فيينا.
وقال إن الاجتماع يهدف إلى دراسة السبل الكفيلة بحلّ الخلافات بين الطرفين حول البرنامج النووي الإيراني، مضيفاً أن «مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية والدولية حميد بعيدي نجاد وكبير مستشاري مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ستيفان كليمنت، سيرأسان هذه المحادثات التي تجري على مدى يومي الأربعاء والخميس».
وأشار عراقجي إلى أنّ من المحتمل أن يُعقَد في غضون الأسبوعين المقبلين، اجتماع ثلاثي بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره الأميركي جون كيري ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، لكنه لم يعلن عن مكان انعقاد الاجتماع.
وفي ما يتعلق بالدور الأوروبي، أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، أنها ستستمر في قيادة المفاوضات النووية مع إيران إلى أن يجري التوصّل إلى اتفاق، حتى لو انقضت مهلة تشرين الثاني المحدّدة لذلك.
وآشتون التي تنتهي فترة الخمس سنوات التي تولت فيها رئاسة السياسة الخارجية في الاتحاد، بحلول نهاية الشهر الحالي، كانت قد قالت سابقاً إنها ستستمر في القيام بدور المفاوض النووي حتى 24 تشرين الثاني، أي المهلة المحدّدة للتوصل إلى اتفاق.
لكنها عندما سئلت، أمس، عمّا إذا كانت ستستمر بعد هذا التاريخ إذا كانت هناك ضرورة، قالت للصحافيين خلال اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد في لوكسمبورغ: «طلب مني الاستمرار إلى أن يتحقق (الاتفاق)».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)