عادت الخلافات بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس تكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، إلى الواجهة من جديد. كعادتها، تظهر هذه الخلافات تحت عناوين تقنية بحتة. هذه المرة، تتركّز الخلافات حول نقطتين: إحداها تتعلق بوزارة الأشغال، وأخرى بوزارة الطاقة، وبينهما وزارة المالية، نتيجة تداخل بعض الملفات بين الوزارات الثلاث. وفيما يشنّ الفريق العوني «حملة طاحنة» يتّهم فيها وزراء برّي بأنهم يتعاطون مع الملفات الوزارية من منطلق سياسي، يؤكّد وزير المال علي حسن خليل لـ«الأخبار» أن «لا خلاف سياسياً»، علماً بأن «انقطاع التواصل المباشر بيننا كان سبباً في تفاقم الأزمة»!لا يبدو الإشكال الأخير الذي وقع بين الوزيرين جبران باسيل وغازي زعيتر في مجلس الوزراء أكبر من حجم المآخذ الذي يُسجّلها الوزير خليل في ملف الطاقة. «اعتراض باسيل على طلب زعيتر أن يجيز له مجلس الوزراء تلزيم تعبيد الطرق وصيانتها كمنطلق لبدء التحضير من أجل المناقصات، لا علاقة له باعتراضي على عقود تأهيل معامل الكهرباء في دير عمار والجية والذوق. فهذه مشكلة كبيرة والحديث فيها يطول» يقول خليل. يبسّط وزير المال الأمر. يشير إلى أنه «تحدّث إلى الوزير زعيتر قبل اعتراض باسيل على الطلب». بوضوح قال خليل لزميله إنه «لن يمرر له أي دفعة من موازنة 2015، ففكرة الإنفاق على أساس مشروع الموازنة التي درّجها الرئيس فؤاد السنيورة لن تمُر،
أي وزير
رح يغلط معنا رح
نردّ عليه!

وما يسري على غيرنا، يسري علينا»، لافتاً إلى أنه اعترض على طلب زعيتر قبل باسيل، «فهل يعني أن هناك خلافاً سياسياً بيني وبين الوزير زعيتر؟».
تبرير خليل لا يعني أن الأمور على خير ما يُرام. فعلى مكتب وزير المال، ملف «مبكّل» خاص بوزارة الطاقة، وهناك الخلاف الأساسي. يخرج خليل منه كمّاً من الأوراق التي لها علاقة بمشاريع أدت إلى بروز الخلاف، تحديداً تلك التي تتعلّق بمعمل دير عمار. لم يعُد خافياً أسبابه المرتبطة بكيفية احتساب قيمة الضريبة على القيمة المضافة. يقول خليل إنه يتعامل مع هذا الملف «كما يتعامل مع كل الملفات الموجودة بين يدي، حسب القانون، لا حسب قرار يهدف إلى عرقلة عمل وزارات التكتل كما يتهمنا البعض». في وزارة الطاقة مشكلة يذكرها خليل، لكنها لا تشكل عائقاً بالنسبة اليه. هو لا يكشف سراً حين يقول إن «باسيل هو الوزير الفعلي للطاقة». حتّى إنه «المعني بمناقشة ملفاتها داخل مجلس الوزراء. والوزير الياس بو صعب والنائب إبراهيم كنعان غالباً ما يدخلان على خط التفاوض معنا عند احتدام المشكلة». يرفض خليل ما وصفه «بالحملة الإعلامية الطاحنة»، و«تعظيم الأمور إلى حد تصويرها بأنها خلاف سياسي بين الجنرال عون والرئيس برّي». يكمل كلامه بشأن ملف معمل دير عمار، متحدثاً عن «تعديلات أدخلت على دفتر الشروط من دون عرضها على ديوان المحاسبة، الذي عاد وأصدر قراراً بوجوب عرض التعديلات الحاصلة على الديوان والبت بمضمون هذه التعديلات». يُصر على أنه لن يخالف القانون «هم متوّهمون بأننا نتعاطى معهم بخلفية سياسية، وأنا أثبت لهم بالقانون أن الحق معي»!
ليس هذا الملف وحده ما يقف وراء «صراخ» الفريق العوني. هناك من تحدّث عن تخلّف خليل عن دفع مستحقات المستشارين في «الطاقة». لا يملك وزير المال بين يديه ما يشير إلى وجود إشكال بشأن هذه المستحقات، مؤكداً أن «كل شيء وفق الأصول يمر، وقد وقّعت اليوم الكثير من الطلبات لهذه الوزراة تحديداً دون مراجعتها، لعلمنا أنها قانونية».
الجميع يعلم أن العلاقة التي تربط بين الطرفين ليست تحالفاً متيناً. رغم ذلك، يُصر المعاون السياسي للرئيس برّي على موقفه «ليس كل خلاف مع الجنرال هو خلاف سياسي». وما يحصل «هو سياق طبيعي تشهده الوزارات في إطار عملها مع بعضها البعض حول ملفات مشتركة». بالنسبة إلينا «ليست العلاقة ممتازة، لكنها أفضل من السنوات الماضية، ولا تزال مفاعيل اللقاء الذي جمع الرئيس برّي والجنرال عون قائمة، لكن ذلك لا يعني أن نغض النظر عن التجاوزات»، وأي وزير «رح يغلط معنا رح نردّ عليه»!