الخرطوم | فاجأ مجلس شورى حزب «المؤتمر الوطني» الأوساط السياسية، ومنها أعضاء الحزب نفسه، بإعلانه ترشيح الرئيس عمر حسن البشير لمنصب رئيس الحزب للدورة المقبلة، وهو ما يعني أنه سيكون مرشح «المؤتمر» في الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في نيسان من العام المقبل. جاءت هذه النتيجة وفق ما أعلنه نائب رئيس الحزب، إبراهيم غندور، بشأن الاقتراع في مجلس الشورى الذي التأم في العاصمة الخرطوم يوم أمس.
وحصل البشير على 266 صوتاً من جملة الحضور البالغ عددهم 396، أي بنسبة (75%)، وهي كافية لجعله مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية دون الحاجة إلى نتائج المؤتمر العام.
وكان لافتاً استباق مجلس الشورى إعلان اسم مرشحه قبل انطلاق المؤتمر العام يوم غد (الخميس)، وهذا يعني الدفع بالنتيجة أمام أعضاء المؤتمر العام الذين يزيد عددهم على ستة آلاف. ويذهب متابعون إلى الاعتقاد بأن حزب المؤتمر الحاكم أعاد ترشيح الرئيس الحالي من داخل مجلس الشورى الذي يضم عدداً أقل في أعضائه، وهو ما يسهّل ضمان ترشيح البشير خشية من حدوث انقلاب داخل صفوف الحزب في حال طرح القضية أمام المؤتمر العام.
ما يعزز هذه النظرية مجاهرة كثيرين من قيادات "المؤتمر" برفضهم ترشيح البشير لدورة جديدة، وينادون كذلك بإحداث إصلاحات داخل هياكل الحزب. ويرى القيادي في الحزب، أمين حسن عمر، أهمية أن تكتمل سياسة التجديد والإصلاح حتى على مستوى القيادة، وأن "تنسحب عملية الإصلاح على جميع أجهزة ومستويات الحزب لخلق مناخ مختلف".
وقال عمر لـ"الأخبار"، إن التجديد ينبغي أن يشمل الجميع، فيما فنّد حديث القيادي، محمد الحسن الأمين، الذي ذكر أن مجلس الشورى أجمع على ترشيح البشير. وأكد أن هذا "غير صحيح، لأنه بمجرد وجود مرشح آخر حصل على صوت واحد فقط معنى ذلك أنه لا يوجد إجماع".
ويرى القيادي عمر أن هناك تياراً كبيراً في "المؤتمر" يعتقد أن ترشيح البشير فيه أمان وضمان "لأن تغيير الرئيس ستكون له تبعات كبيرة، وهو التيار الأكثر حذراً"، لكنه استبعد أيضاً حدوث انشقاقات داخل الحزب الحاكم، متوقعاً في الوقت نفسه حدوث فتور داخل الأروقة بشأن الأمل في الإصلاح.
وبإعادة ترشيح البشير، يكون حزب "المؤتمر" قد دقّ إسفيناً آخر في شعاراته التي يرددها عن ممارستة الديموقراطية والشورى، كما يرى معارضون وحتى مراقبون. وكان "المؤتمر الوطني" قد كشف، في الساعات الأولى من صباح أمس، خمسة أسماء من عضويته لمنصب الرئيس أولهم البشير، ونائب رئيس الجمهورية بكري حسن صالح، وإبراهيم غندور، بالإضافة إلى النائب الأول السابق للرئيس علي عثمان محمد طه، ومساعد رئيس الجمهورية السابق نافع علي نافع.
وكان بارزاً في تلك التسميات عودة أبرز رجلين في الحزب إلى الواجهة مرة أخرى (النائب الأول السابق طه، ونافع علي نافع)، بعد أن أطاحتهما قبل نحو عام "شعارات الإصلاح"، ما أثار استنكار بعض أعضاء الحزب، لكن مراقبين قالوا إن ورود تلك القيادات في قائمة الترشيحات ربما كان من باب الترضية ليس إلا، ولا سيما أن الحزب كان ينوي ترشيح البشير كمرشح أوحد لخوض الانتخابات الرئاسية.
وبرغم تأكيدات البشير أنه لن يترشح لرئاسة الجهورية في انتخابات 2015، فإن تياراً قوياً في الحزب الحاكم يرى فيه صمام أمان، لكن متابعين يخافون من أن ترشيح الرجل لدورة جديدة فيه إرضاء للمؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها، إذ إن الجيش قد ينقلب ضد أي مرشح آخر من خارج المؤسسة. أما القوى السياسية الداخلية، فواجهت قرار إعادة ترشيح البشير بشيء من الاستنكار، فيما بدا أن ما بادر إليه البشير نفسه، ضمن ما يعرف بمبادرة الحوار الوطني، هو الذي دعم حظوظه في إعادة الترشيح دون انتقاد كبير.