لا تنتهي ــ إسرائيلياً ــ دلالات عبوة مزارع شبعا التي فجرتها المقاومة بدورية لجيش الاحتلال في السابع من الشهر الجاري. العبوة ــ الرسالة، التي رمت إلى ترسيخ سياسة الردع ومنع اسرائيل من استهداف لبنان، لا تزال، رغم مرور أسابيع على تنفيذها، مدار أخذ وردّ في تل أبيب بحثاً عن مزيد من الدلالات، وما إذا كانت تؤشر الى منسوب اكبر من «الثقة بالنفس» لدى حزب الله. ومصطلح «الثقة» هو الذي تستخدمه إسرائيل في هذه المرحلة، لتوصيف تكسّر ردعها في مقابل حزب الله.
صحيفة «هآرتس»، التي عادت وتناولت عبوة شبعا امس، طالبت بضرورة التعامل مع «الحدث الجديد» بمنسوب اكبر من المسؤولية والتطلع الى مرحلة ما بعده. وأشارت إلى أن تبني حزب الله عملية 7 تشرين الاول، بعد حذر دام طويلاً منع تبنيه عمليات مشابهة في الماضي، هو تحوّل يستوجب اعادة النظر في نظرية الردع الاسرائيلية.
وتحدثت الصحيفة عما سمتها «عودة مقاتلي حزب الله الى الجنوب اللبناني»، التي تتعارض، بحسب «هآرتس»، مع قرار مجلس الامن الدولي 1701. وهذه العودة، «إضافة الى أمور أخرى، تعبّر عن تغيير مقلق في سياسة حزب الله على المدى البعيد، وستكون لها انعكاسات اكثر تعقيداً من ناحية اسرائيل».
ورأت «هآرتس» ضرورة ان تعيد تل ابيب النظر في الاعتقاد السائد لديها حيال ردعها لحزب الله، سواء الردع على ضوء حرب عام 2006، او الردع على خلفية عملية «الجرف الصامد» في قطاع غزة (تموز 2014)، كما ان على تل ابيب ان تعيد النظر في الفرضية القائلة بأن الحزب غير معني بمواجهة مع اسرائيل، لانشغاله في الحرب الدائرة في لبنان وسوريا والعراق.
واضافة الى التحذير من خطأ الاستخبارات وتقويماتها تجاه نيات الحزب وافعاله، حمّلت الصحيفة تقريرها تهديدات غير مباشرة. بحسب الصحيفة فان زرع العبوتين (فجرت المقاومة احداهما وجيش الاحتلال الثانية)، كان «رهانا كبيرا» من ناحية حزب الله، الامر الذي يفرض طرح سؤال: هل زرع العبوتين، مع فرضية سقوط قتلى اسرائيليين، كان يعني ان قيادة حزب الله مستعدة فعلا لجولة جديدة من العنف مع اسرائيل، إن لم تكن حربا حقيقية؟
وتجيب على السؤال (رسالة التهديد)، بأن هذا التصرف وهذا الرهان، يشيران الى ثقة زائدة بالنفس لدى الحزب، ومن المرجح ان يكونا مبنيين على مراكمة مقاتليه لخبرة عملياتية كبيرة، جمعوها جراء مشاركتهم بأعداد كبيرة في الحرب الدائرة في سوريا.
ولفتت الصحيفة ايضا الى وجود تفسيرات متداولة في اسرائيل حول خطوة حزب الله ودلالاتها. فربما أراد «تحويل الانظار عن الصراع الداخلي في لبنان، او حرف الانظار عن خسائرة ضد التنظيمات المتطرفة، او محاولة من قبله لوضع ميزان ردع جديد مقابل اسرائيل، كي يمنعها عن مواصلة العمل داخل لبنان. والفرضية الاخيرة مرتبطة ايضا بمهاجمة سلاح الجو الاسرائيلي، لقوافل السلاح من سوريا الى لبنان، وكان اخرها في شباط الماضي داخل الاراضي اللبنانية، الامر الذي رفع مستوى ردود حزب الله». وهذا يعني، بحسب «هآرتس»، ان على اسرائيل ان تفكر بحذر إذا قررت مهاجمة قوافل اخرى من السلاح.
وعلى المستوى الأبعد، تشير الصحيفة، الى ان تجربة مقاتلي حزب الله في سوريا، ستترجم لاحقا وبصورة عملية في حالة الحرب المستقبلية، الامر الذي يدفع الى التفكير، من جديد، بالمعركة المقبلة واساليب القتال الجديدة التي سيعمد اليها الحزب، وايضا المفاهيم العملية المختلفة لسير المعارك والاشتباكات. ويضاف الى كل ذلك، التسلح المكثف بالصواريخ القصيرة المدى ذات الرؤوس المتفجرة الكبيرة، الامر الذي يعني من ناحية اسرائيل، أضرارا جسيمة جدا ستعانيها في الحرب المقبلة.
مع ذلك، طمأنت الصحيفة الاسرائيليين إلى أن التقديرات السائدة في تل ابيب، وتحديدا لدى المؤسسة الامنية، لا ترى تغييرا جوهريا في مصالح حزب الله او خططه الآنية، كما انه غير معني بالمبادرة الى حرب في مقابل اسرائيل.