بيروت | حتى نصل إلى موقع تصوير فيلم «فيتامين» (كتابة كلود صليبا وإخراج إيلي حبيب) سنحتاج إلى وقت يوازي ما تستغرقه رحلة إلى هوليوود. بعد الموعد الأوّل، تلقينا اتصالاً طارئاً بعد منتصف الليل تخبرنا فيه المنسقة الإعلامية لشركة «إيغل فيلمز» المنتجة للشريط عن إلغاء يوم العمل بسبب وعكة صحية ألمت بمدير الإضاءة والتصوير. تلى ذلك محاولات حثيثة حتى نحظى بموعد جديد، لكن القدر سيعاندنا ثانية. فظروف قاهرة حالت دون إتمام يوم التصوير مجدداً بحسب رسالة الاعتذار التي وصلتنا قبيل الموعد بنصف ساعة.
العارفون بكواليس الدراما اللبنانية ومشاكلها يجدون الأمر عادياً وينصحوننا بإعادة المحاولة، وبالفعل ستكون «الثالثة ثابتة».
شقّت السيارة عتمة الليلة الماطرة، متجاوزة زحمة السير الخانقة باتجاه منطقة برمانا (قضاء المتن) في شارع خُصص للسهر، تصطف حاناته بمحاذاة بعضها البعض، وتطل على أضواء بيروت المتداخلة مع البحر. نصل إلى «تشيرز» أحد أقدم البارات هناك. يعطي المكان انطباعاً وكأنّ الحدث يوغل في التاريخ، حتى نلمح من بعيد سيدة جميلة بفستان أحمر قصير وماكياج أرستقراطي، لنكتشف سريعاً أنّها الممثلة اللبنانية ماغي بوغصن التي تؤدي بطولة الفيلم إلى جانب كارلوس عازار، وشكران مرتجى، وفؤاد يمين، وكارلا جحا، ومي سحاب وفرح البيطار وآخرين.
شيء ما يجعلنا نظن أنّ القصة رومانسية، لكن الشك العابر ينقطع بيقين حين يُخبرنا المخرج إيلي حبيب أنّ «القصة كوميدية بحتة تنطلق من ضيعة منكوبة يعيش فيها كبار السن. انعزالها جعل مورد رزقها الوحيد هو تجارة الحشيشة الممنوعة، ما يدفع سكانها إلى الابتعاد عنها، ليبقى فيها ثلاث بنات يقررن فجأة سرقة شاحنة تعبر على الخط الموازي للقرية ظناً منهن أنّها تنقل نقوداً وتحمل مليون دولار. لكن المفاجأة تنكشف عندما يجدن أنّها محمّلة بالفيتامين».
لكن إلى أي حد، يبدو مهماً أن يركز الفن بشكل عام على الكوميديا في هذه المرحلة؟ وهل يكفي تقديم كوميديا من دون أن تحتوي على مضامين هامة؟ يرد حبيب: «من المعيب أن نقدّم عملاً فنياً من دون أن نقول شيئاً هاماً. هنا نطرح مغامرة كوميدية بهدف رسم البسمة عبر عمل يحمل بعداً وطنياً بامتياز، إذ تنطبق مساحة الوطن على القرية الصغيرة، ونقدّم صورة عن علاقة الفرد بوطنه».
يصل العمل إلى الصالات في منتصف شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل


سيستغرق التصوير 35 يوماً، فيما قاربت الميزانية المليون دولار أميركي

من جهة ثانية، يراهن المخرج اللبناني على أنّ نجوم الفيلم سيكونون ورقة رابحة لكسب أكبر عدد ممكن من الجمهور، بحيث يصل الشريط منتصف شهر كانون الأول (ديسمبر) إلى الصالات، إضافة إلى حداثة النوع على السينما اللبنانية وتقديمه جرعات كوميديا موقف تنأى بنفسها عن الابتذال، فضلاً عن جولته السياحية على مواقع لم يسبق التصوير فيها. أما عن اختياره للنجمة السورية شكران مرتجى، فيؤكد حبيب أنّها «الممثلة المناسبة للدور، إضافة إلى الخيار التسويقي بتحفيز من المنتج. في القصة، هي امرأة سورية تتزوج رجلاً لبنانياً». ثم، يلفت مخرج BéBé إلى أنّ عدد أيّام التصوير سيصل إلى 35 يوماً، وقد قاربت ميزانيته المليون دولار أميركي.
من جهتها، تخبرنا ماغي بوغصن أنّ «الحظ جاء بكم في وقت تصوير مشهد يبدو أنّه رومانسي، لكن الفيلم يحكي قضية وطن، وقصة الهجرة المتأصلة في لبنان بأسلوب طريف». وتضيف: « ألعب شخصية (زمرّد)، وهي فتاة شقية ومجنونة ومتمرّدة تريد أن تغير حياتها، فتتغير عندما تُقدم مع صديقتيها على سرقة الشاحنة». وتجزم نجمة مسلسل «ديو الغرام» بأنّ كل عناصر الشريط ستكون أسباباً كافية لجذب المشاهد، وقد «جاء خيار الكوميديا رغبة في استقطاب المشاهد ومحاولة إراحته». في حين يرى الممثل اللبناني كارلوس عازار أنّه يشكّل مع بوغضن ثنائياً جيّداً طالما أنّهما يتقاطعان فكرياً وفنياً وإنسانياً. وفي ما يتعلّق بخصوصية التجربة السينمائية، يقول: «لا يختلف التركيز بين التلفزيون والسينما بقدر ما يختلف التركيز على تفاصيل الدور والتقاطه حقيقة الشخصية من الداخل. أجسّد دور تحرّ يُدعى (جمال) توكل إليه مهمة التحقيق في سرقة الشاحنة، حتى يكتشف شيئاً غير مألوف فتتوالى مشاهد هي عبارة عن مزيج بين مغامرات كوميدية وأحداث رومانسية».
بدوره، يعتبر نجم برنامج «شي. أن. أن.» فؤاد يمين أنّ الحيوية في أحداث الفيلم ستميزه، لافتاً إلى أنّه «أبذل جهوداً كبيرة لترك بصمة مختلفة لدى الجمهور، إذ أجسّد هنا دور المحقق (طلال) مساعد المحقق (جمال). وأثناء التحقيق في شأن سرقة الشاحنة، تتوالد المفارقات والأحداث المسلية والمضحكة».