عام على غياب المطرب اللبناني وديع الصافي (1921 ــ 11 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2013)، فقررت عائلته المكوّنة من أولاده (ستة من بينهم اثنان مهاجران) وزوجته أن تتذكّره على طريقتها الخاصة. هكذا، أقدمت على إنشاء مؤسسة تحمل اسم «وديع الصافي للإبداع الفكري»، وترمي إلى الحفاظ على إرثه الفني.
يبدو أنّ العائلة أجمعت أخيراً على أمر مهمّ أرادت أن تعلنه أمام وسائل الإعلام، لكن للأسف لم يلبِّ تلك الدعوة سوى عدد من الصحافيين لم يتخطَّ أصابع اليد الواحدة. غياب أهل الصحافة أمر معيب، لكنّه غير مستغرب، فلو كانت أيّ فنانة مبتدئة (من دون المقارنة طبعاً) دَعت إلى مؤتمر لحضره إعلاميون كثر.
المؤتمر الذي عقدته عائلة الصافي في «نقابة الصحافة» (الروشة) بحضور نقيب الصحافيين محمد البعلبكي وأرملة الراحل مالفينا، واثنين من ورثة «العملاق»، وهما ابناه أنطوان ومارلين، جاء مع غياب لافت لجورج، الذي لطالما رافق والده في إطلالاته الإعلامية. أرادت عائلة صاحب أغنية «ولو» أن تبدو متماكسة، وتؤكّد أنّ قرار قوننة الإرث الفنيّ اتخذته بعد الفوضى التي حصلت بحقّ أعماله وأغانيه.
بدوره، رفض أنطوان الحديث عن خلاف بين أبناء العائلة الواحدة، موضحاً في حديث لـ«الأخبار» أنّه «صحيح أنّ جميع أفراد العائلة غير موجودين في المؤتمر، لكن أشقائي وافقوا على المؤسسة بكل محبّة».
لكن ما هي مؤسسة «وديع الصافي للإبداع الفكري»، ومن يتولّى إدارتها؟ بحسب تعريف الصافي الابن، تحاول المؤسسة أن تحمي الإرث الفني لصاحب أغنية «طلّوا حبابنا طلّوا»، معلناً انطلاق جائزة فنية تحمل اسم المؤسسة، على أن توزّع سنويّاً في احتفال خاص، ويفوز بها أحد الأصوات الواعدة، سواء كانت صاعدة أو موجودة على الساحة الفنية. من جانبه، أعلن محامي العائلة منذ سنوات، روك فغالي، أنه يتولّى مهمات المؤسسة القانونية، ويُعد المرجعية القانونية الوحيدة لإرث الراحل المادي والمعنوي والفكري، مشيراً إلى أنّ المؤسسة خاضعة لـ«نظام الشركات الفنية الواردة في قانون حماية الملكية والأدبية والفنية رقم 99/75».
ليست كلوديا مرشليان من تقرّر العمل على الفيلم، بل العائلة



أما السؤال الذي يفرض نفسه فهو: لماذا إطلاق المؤسسة في هذا الوقت تحديداً؟ يجيب أنطوان الصافي بأنّ تلك الخطوة جاءت بعد استغلال أعمال الراحل بأساليب «غير منظّمة ولا تليق به ولا بتاريخه الطويل».
في ظل ولادة المؤسسة الجديدة، لا بد من الاستفسار عن الفيلم الذي تحدثت عنه السيناريست اللبنانية كلوديا مرشليان بعيد وفاة وديع الصافي، ويلقي الضوء على حياته منذ الطفولة حتى آخر يوم في عمره؟ بنبرة فيها الكثير من التوتّر يجيب الابن: «أين هو الفيلم؟ اليوم نحن من نقرّر ولادة هذا العمل السينمائي لا كلوديا».
غياب جورج الصافي عن مؤتمر الأمس، دفعنا إلى الاتصال به للوقوف عند الأسباب. نفى الأخير وجود أيّ خلاف بينه وبين أشقائه، معللاً غيابه بمرضه، قائلاً «هناك اختلاف عائلي بسيط في وجهات النظر، ولكن لا خلاف. قد يكون شقيقي تسرّع في عقد المؤتمر، لكن الأمور كلّها تصب في خانة حماية الإرث الغنيّ لوالدنا». وأنهى الصافي بتساؤل: «في نهاية هذا الشهر (تشرين الأوّل/ أكتوبر)، ستُقام حفلة تكريمية لوديع الصافي في باريس، لكنّها ليست مجانية، ويحييها المغنيان ملحم زين وجاهدة وهبي، فبأيّ حقّ يمكن استغلال اسم والدنا لكسب الأموال؟». في المحصلة، يبدو أن آل الصافي يتجّهون نحو تصويب البوصلة للحفاظ على إرث عمره عشرات السنين، ليبقى ذلك التاريخ في موقعه الصحيح. فهل يمكن اعتبار تلك الخطوة تشجيعية لباقي الفنانين، وخصوصاً صباح وزميلها المطرب السوري صباح فخري منعاً لاستغلال اسمَيْهما في الحفلات أو الأغاني؟