يبدو واضحاً من محاضر النقاش، التي تسرب بعضها الى العلن من اجتماعات اللجنة الوزراية المصغرة، او من جلسات مجلس الوزراء، ان فريقي ٨ و ١٤ اذار اتفقا على تظهير انجاز ما في ملف ادارة النفايات المنزلية الصلبة، فقررا ان ينتزعا عقد الكنس والجمع والنقل المقدر بحوالي ٥٥ مليون دولار من ايدي شركة «سكر للهندسة» المعروفة تجارياً باسم سوكلين، وان يوزّع هذا العقد وفق تقاسم طائفي واضح المعالم بكلفة ٨٠ مليون دولار!
فقد اتفق الوزراء امس على تكليف مجلس الانماء والاعمار اعداد دفتر شروط لاجراء مناقصة لتلزيم اعمال كنس النفايات وجمعها ونقلها بنطاق بيروت والشمال ومعظم محافظة جبل لبنان وعرضه على الحكومة خلال 15 يوما.
يوزّع هذا العقد وفق
تقاسم طائفي واضح المعالم بكلفة ٨٠ مليون دولار!

وبحسب التقسيم الجديد قسمت محافظتا بيروت وجبل لبنان الى اربع مناطق خدماتية، او بالاحرى طائفية. المنطقة الاولى تضم الشوف وعاليه ووسط وجرد بعبدا وتنتج ٦٥٠ طنا يومياً، ويتصاعد الحديث عن ان النائب وليد جنبلاط قد انشأ شركة مسؤوليتها ادارة النفايات في هذه المنطقة ذات الغالبية الدرزية. اما المنطقة الثانية، فسميت ساحل المتن الجنوبي وتنتج ٧٩٠ طنا من النفايات يومياً ومن المفترض ان يتقدم لالتزام جمع النفايات منها شركة تحوز رضى حزب الله وحركة امل. اما المنطقة الثالثة، فتضم بيروت الادارية وساحل المتن الشمالي، ومن المرجح ان تبقى بعهد شركة سوكلين، وهي تنتج يومياً قرابة ٩٥٠ طنا من النفايات، فيما المنطقة الرابعة، التي تضم ما بقي من المتن وكسروان، وتنتج قرابة ٦٥٠ طنا يومياً، يتصاعد الحديث عن ان الشركة التي ستلتزمها ستكون برتقالية على الارجح، بحسب ما جرى الاتفاق عليه سراً في اجتماعات اللجنة الوزارية المصغرة.
الى اين ستنقل شركات جمع النفايات الطائفية ما تجمعه يومياً؟ واي طريقة اعتمدها مجلس الوزراء للمعالجة؟ وكيف سيجري التخلص من النفايات العضوية؟ وهل سيحوّل جزء من النفايات الى وقود بديل لمصلحة معامل الاسمنت بشرط ان تمنح هذه الشركات مقالعها الفارغة لانشاء مطامر؟
جميع هذه الاسئلة بقي مجلس الوزراء صامتاً حيالها. وبحسب المعلومات التي تسربت عن جلسة امس من قبل اكثر من طرف سياسي، فان الاتجاه بات واضحاً لتمديد عقد المعالجة والطمر لشركة سوكومي ستة اشهر اضافية، كحل وحيد للهروب الى الامام من خيار الانتقال الى مواقع بديلة، بعد الفشل الذريع الاول بانشاء مركز معالجة في برج حمود، نتيجة معارضة النواب الارمن، والفشل الذريع الثاني في انشاء معملين للمعالجة والطمر في منطقة شكا، بعد رفض الوزير بطرس حرب وتهديده برفض توقيع قرار بهذا الشأن. هذا يعني ان تمديد العمل في مطمر الناعمة – عين درافيل سوف يكون تحصيل حاصل، ليس لفترة ستة اشهر فقط، بل على الاقل لمدة عام ونصف، وهي الفترة المطلوبة لتركيب المعامل الجديدة والانتقال الى المواقع المقترحة بعد اعداد دفتر الشروط واطلاق المناقصة والتلزيم. يحدث كل هذا في وقت اعاد فيه مجلس الوزراء تكليف وزارتي الداخلية والمالية دفع المستحقات التي اقرت في المجلس النيابي لمصلحة البلديات المحيطة بالمطمر، علماً انه سبق أن كلفها هذا الامر، ووضع مهلة شهر لتنفيذه! ما يؤشر الى تهرب واضح يمارسه الوزيران نهاد المشنوق وعلي حسن خليل كجزء من التكتيك التفاوضي ربما مع وزراء النائب وليد جنبلاط في ملفات اخرى.
في المقابل علمت «الاخبار» ان وزراء حزب الكتائب اعلنوا صراحة معارضتهم لهذا الحل – التسوية وطالبوا بأن يفتح النقاش حول عقدي سوكلين وسوكومي معاً، والا فان الامور سوف تراوح مكانها.