القرار الصادر عن اليسوعية امس بالغاء الانتخابات الطالبية لم يأت متأثرا بالاشكال الذي حصل أول أمس في حرم جامعة سيدة اللويزة فقط، بل نتيجة الاحداث التي عاشتها العام الماضي بسبب اشكالات بين طلاب حزب الله وطلاب القوات اللبنانية داخل وخارج الحرم الجامعي في هوفلان (شارع مونو)، بعد صدور نتائج الانتخابات الطالبية. وأُجبرت الادارة حينها على ايقاف الدروس عدة مرات، تجنبا لحالات التصادم بين الطلاب.
هذا العام تتخوّف ادارة الجامعة من تكرار المشهد نفسه، وخاصة أن حرم الجامعة في مونو يشهد منذ مطلع هذا الأسبوع بوادر توتر وتشنج في صفوف الطلاب، ولا سيما ان كل فئة حزبية أخذت (كما العام الماضي) "زاوية" تقيم فيها تجمعاتها.
ازاء كل ذلك، رأت الجامعة أنه لن يكون هناك "ممارسة إيجابيّة لقيم الديمقراطيّة والمواطنة"، وفضّلت استبدال الانتخابات بالإعداد لبرنامج توعية على المواطنة، يمتد طيلة السنة المقبلة، ويشارك في إعداده وتنظيمه طلاّب الجامعة بالتعاون مع كليّاتهم ومعاهدهم، تحت إشراف دائرة الحياة الطالبيّة في الجامعة.
الأحزاب والقوى الطالبية رأت أن قرارات سيدة اللويزة واليسوعية الغاء لمبدأ الديمقراطية، مطالبة ادارات هذه الجامعة بالتراجع عن القرارات التي أصدرتها، وفي الوقت عينه، استثمر كل من القوات والتيار الوطني الحر البيانات التي أصدرها الحزبان ليكيلا الاتهامات بعضهما لبعض. واللافت أن القوى الحزبية أجمعت على أن الغاء الانتخابات لن يحل المشاكل القائمة داخل الجامعات، ودعت جميعها في العام الماضي الى معاقبة مفتعلي الأحداث عوضا عن حرمان الطلاب حقهم الديمقراطي.
أحد أهم الأسباب التي دفعت بالجامعة اليسوعية إلى الغاء الانتخابات، ان القوى الطالبية المتنافسة "تتبخر" بعد أسبوع من صدور نتائج الانتخابات، ولا تؤدي الهيئات الطالبية المنتخبة أي دور في الحياة الجامعية، بحسب ما شرحت مصادر من داخل الجامعة لـ"الأخبار"، فحتى النشاطات التي تقام داخل الجامعة، تتولى تنفيذها نوادي طالبية لا تربطها أي علاقة بالطلاب المنتخبين، مع وجود استثناءات لا تذكر. فالعام الماضي مثلا، أنشأت الجامعة مجلساً طالبياً عاماً كهيئة استشاريّة، لإبداء المشورة، ولتقديم الاقتراحات، وللمساعدة على اتخاذ القرار وعلى متابعة كل الأمور المتعلقة بمختلف جوانب الحياة الطالبيّة. ويُعنى هذا المجلس خصوصاً "بالإشكاليات المتعلقة بالحوكمة الجامعيّة التي تؤثّر في الحياة الطلابية، وبالإشكاليات المرتبطة بالبيداغوجيا الجامعيّة والاختصاصات والنشاطات، وبالإشكاليات المتعلقة بالحياة الطالبيّة وعمل المجموعة الجامعيّة وانماء الوعي الاجتماعي وانخراط الطلّاب في خدمة الاخرين وخدمة المجتمع". وقالت المصادر إن ممثلي الهيئات الطالبية حضروا اجتماعات قليلة ثم غابوا نهائيا عن الساحة!
اذا، ممارسات بعض الأحزاب داخل الجامعات، وخاصة في الجامعة اليسوعية، وعدم ممارسة الهيئات الطالبية لدورها الحقيقي في تمثيل الطلاب وتحمل مسؤوليتها، أعطى ذريعة للادارة لكي تتخذ اجراءات وصلت الى حد الغاء الانتخابات، وخاصة ان الأحزاب في اليسوعية تخوض معاركها دون أي برامج انتخابية (ولو شكلية)، وتختصر معاركها على السعي لاظهار الطرف "المسيحي" الفائز على انه الاقوى على الساحة الطالبية. وهناك خطورة في سابقة الغاء الانتخابات في اليسوعية واللويزة أن تمتد الى غيرها من الجامعات.