في خطوة جديدة تعكس إرادة الحكم في القاهرة بتشديد القبضة على مفاصل المشهد السياسي، المتبدل منذ «يناير 2011»، واستكمالاً لخطواته المتصاعدة ضد جماعة الإخوان المسلمين، حظرت مصر يوم أمس «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب» الذي ينادي بإعادة الرئيس المعزول محمد مرسي إلى الحكم، في ضربة جديدة لأقدم حركة إسلامية في البلاد.

وكانت السلطات المصرية قد حظرت جماعة الاخوان المسلمين نفسها العام الماضي وحلت ذراعها السياسية «حزب الحرية والعدالة» في شهر آب بهدف استبعاده من خوض الانتخابات البرلمانية المتوقع أن تجرى في الأشهر القليلة المقبلة.
وأصدر رئيس الوزراء المصري، إبراهيم محلب، مرسوما يحل فيه «التحالف» وذراعه السياسية «حزب الاستقلال» عقب قرار قضائي بحظر أنشطة «التحالف». وقد أُنشئ «التحالف»، الذي يضم أنصار جماعة الاخوان المسلمين وجماعات أخرى بعدما أطاح الرئيس عبد الفتاح السيسي حين كان قائدا للجيش مرسي في تموز 2013. ومنذ ذلك الحين شنت السلطات المصرية حملة على الاخوان وحظرتها وأعلنتها جماعة إرهابية.
ولا تمثل ملاحقة «الإخوان» وتقييد أدوات حراكها في الداخل المصري، السبيل الوحيد الذي تنتهجه السلطات المصرية لتشديد القبضة على مجمل المشهد السياسي، بل تبرز أيضاً سياسة وضع اليد على الحراك الطالبي في الجامعات. فمع تضييق الخناق على الناشطين، وحظر الحكومة للتظاهرات غير المرخصة، ظهرت الجامعات الحكومية باعتبارها واحدة من بين أماكن قليلة باقية للتعبير عن المعارضة. وترافق ذلك مع اتساع دائرة الملاحقات الأمنية لتشمل ناشطين علمانيين أدوا دورا بارزا في حراك ،2011 الذي أطاح الرئيس الأسبق حسني مبارك. كذلك، كان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي (الصورة)، قد أصدر نهاية الأسبوع الماضي مرسوماً بقانون ينص على تولي القوات المسلّحة مسؤولية معاونة أجهزة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين المنشآت العامة والحيوية، على أن تخضع الجرائم التي تقع في نطاقها إلى القضاء العسكري.
وغاب تعليق «التحالف الوطني لدعم الشرعية» على قرار الحكومة المصرية يوم أمس، فيما أصدر بياناً أعلن فيه تدشين «أسبوع ثوري جديد تحت شعار: العسكر يبيع سيناء»، في إشارة إلى عمليات التهجير التي تجري هناك على أثر العملية التي استهدفت الجيش قبل أيام.
وقال البيان «يواجه أهلنا في سيناء أوضاعاً مأساوية كارثية غير مسبوقة في تاريخهم، بعد بدء مدبري الانقلاب العسكري الدموي مذبحة فض رفح وتفجير منازل السيناوية، والتهجير القسري لأهلنا المرابطين أصحاب التاريخ النضالي المجيد، لمصلحة تنفيذ المخطط الصهيوني الساعي لاقامة منطقة عازلة في أرض الفيروز، في حرب بالوكالة عن العدو الصهيوني لانفاذ إرادته، وتنفيذ ما وعد به المخادع». وأضاف إن «التحالف الوطني... وهو يعلن رفضه لكل الجرائم التي تُجرى ضد أهلنا في سيناء... يؤكد أن تلك الاجراءات الهوجاء الغاشمة ستفضي إلى توابع وخيمة على عصابة الانقلاب خلال الفترة المقبلة، ولن تعالج توابع إرهاب الانقلاب وفشله بل ستغذي الانتقام لدى قطاعات كبيرة من الشعب المصري».
ومن غير المتوقع أن يكون لقرار الحكومة بحظر «التحالف»، الذي يعد فعلياً آخر المظلات السياسية التي تعمل من ضمنها جماعة الإخوان المسلمين في داخل البلاد، تداعيات على الساحة السياسية المصرية، على اعتبار أن القرار يأتي في ختام سلسلة طويلة من الملاحقات.
وكان «التحالف» قد أعلن عن نفسه في صيف عام 2013، ووقّعت البيان التأسيسي أحزاب وهيئات نقابية، من بينها «حزب البناء والتنمية» و«حزب الحرية والعدالة» و«حزب العمل» و«حزب الفضيلة» و«حزب الإصلاح» و«الحزب الإسلامي» و«حزب الوطن» و«حزب الوسط»، إضافة إلى اتحاد نقابات مهنية.
وأنبأ مسار ذاك الكيان السياسي خلال العام الحالي بنهاية متوقعة لدوره، وخصوصاً بعدما انسحب عدد من مكوناته من ضمنه، بدءاً بـ«حزب الوطن» السلفي وصولاً إلى «حزب البناء والتنمية»، وهو الجناح السياسي للجماعة الإسلامية، انتهاءً بإعلان «حزب الوسط» انسحابه في نهاية شهر آب الماضي.
(الأخبار)