يصعب أن تطأ رجلاك زقاق البلاط بين الواحدة والنصف والرابعة من بعد الظهر. هي ساعات الذروة في منطقة المدارس، كما يسميها المختار رشيد بيضون. يقول إن سكان المكان يختنقون من التلوث والأصوات المنبعثة من أبواق السيارات والباصات وصراخ الأطفال وهم منصرفون إلى منازلهم. لا ينقصنا، بحسب بيضون، المزيد من المدارس، بالإشارة إلى «مجمع الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح التربوي» الذي سيسلم إلى وزارة التربية فور معالجة العيوب في المشروع، في 16 كانون الثاني المقبل.
قامت قيامة الأهالي لدى سماعهم بأنّ المجمع سيضم 4 أو 5 مدارس رسمية جديدة تضاف إلى 11 مدرسة رسمية وخاصة في النطاق الجغرافي نفسه. ماذا سيحل بنا؟ يسأل بيضون، مشيراً إلى أننا «لو كنا نعلم القصة منذ البداية لكنا طالبنا بإنشاء مستشفى أو حديقة عامة».
تنجز أشغال المجمع في 16 كانون الثاني تمهيداً لتسليمه إلى وزارة التربية
وفي وقت تنتظر فيه زقاق البلاط إقرار مشروع قانون حماية المباني والمواقع التراثية فيها وخصوصاً أن الحي ذو طابع تراثي، يأتي المجمع ليزيد الوضع سوءاً لجهة زحمة السير، على حد تعبير المختار. يترقب بيضون ومعه مخاتير المنطقة زيارة وزير التربية الياس بوصعب في أقرب وقت كي يرفعوا إليه عريضة يطالبون فيها بصرف النظر عن قرار استخدام المبنى، مقترحين تخصيصه لكلية السياحة في الجامعة اللبنانية مثلاً.
إلاّ أن وزارة التربية تنوي استقبال التلامذة في مدرسة واحدة مكتملة المراحل تتسع لـ 1932 تلميذاً من الروضة حتى الثانوي. كان ذلك سيحصل ابتداء من العام الدراسي 2013-2014، لولا خلاف حصل آنذاك بين مجلس الإنماء والإعمار والمتعهد، وتحفظت الوزارة يومها على أعمال لم يقم بها الأخير، وخصوصاً في المرحلة الأخيرة لإنجاز البناء. مصادر الوزارة تؤكد أن مدينة بيروت بأمس الحاجة للمدارس الرسمية، حيث القسم الأكبر من المباني الحالية لا تتوافر فيها شروط البيئة المدرسية الملائمة.
من جهته، يشرح مصدر مسؤول في مجلس الإنماء والإعمار أنّ العقار الذي يقع عليه المجمع تسجّل باسم أملاك الدولة الخصوصية / وزارة التربية. ولزمت أشغال المشروع عن طريق مناقصة أجراها المجلس، بتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية. وتجري حالياً معالجة لائحة العيوب التي وضعها الاستشاري المشرف على تنفيذ المشروع ولجنة الاستملاك المكلفة بذلك والتي تضم ممثلاً عن وزارة التربية.
لماذا التأخير في التسليم؟ يعود التأخير، بحسب المصدر، إلى أعمال التنقيب عن الآثار التي قامت بها المديرية العامة للآثار في قسم من العقار، والأعمال الإضافية التي طرأت على المشروع خلال تنفيذ الأشغال والتي استلزمت تمديد مهلة تنفيذه، فضلاً عن تلكؤ المتعهد الأساسي بتنفيذ أشغال معالجة العيوب الحاصلة في المشروع، ما استدعى تلزيم الأشغال إلى متعهد آخر، وذلك على نفقة المتعهد السابق.
مرائب المجمع تستخدم حالياً لركن سيارات العموم، فمن المستفيد من ذلك؟ يقول المصدر إن مرسوم مجلس الوزراء المتعلق باستملاك عقارات في مناطق مختلفة من بيروت لحظ إقامة ملاعب ومرائب للعموم تحت سطح العقارات المستملكة، وقد أنشأ المجلس طبقتين سفليتين تتضمنان مرأباً خاصاً للمدرسة ومرأباً آخر للعموم. سيتم تسليم البناء المدرسي وهذين المرأبين إلى وزارة التربية لتقوم بلدية بيروت بتشغيل المرأب المخصص للعموم. لكن أوساط محافظ بيروت القاضي زياد شبيب أكدت أن العقار لا يقع ضمن مسؤولية البلدية أو المحافظة.
وفي انتظار التسليم، ثمة من لا يزال منذ سنوات يستغل الفراغ مستخدماً الملاعب والمرائب لركن السيارات للعموم، بإيعاز من قوى الأمر الواقع في المنطقة.