في احدى غرف منزله في منطقة الرابية المتنية، جلس العماد ميشال عون يوم الثلاثاء الماضي محاطاً بالوزير جبران باسيل، النائبين ابراهيم كنعان وآلان عون والناشط في التيار نعيم عون (ابن شقيق الجنرال) متنفسين الصعداء، بعدما أنهوا وضع مسودة النظام الداخلي للتيار الوطني الحر. العماد الفرح بهذا «الانجاز» بدأ بزف الخبر للمجموعات الحزبية التي زارته منذ يومين.
منذ عامٍ تقريبا وعون يحاول التوفيق بين مكونات هذه اللجنة المصغرة. عبثا حاول عقد لقاء يضمهم جميعا. كانت اللقاءات ثنائية، أو يتولى كنعان ما يشبه الوساطة بين فريقَي «ألان ونعيم» من جهة، وجبران من جهة أخرى. إلى أن وصل النقاش إلى نقطتين اثنتين في مسودة النظام الداخلي. صورة «الجنرال» في هذه النقاشات اختلفت عمّا هي عليه في الاعلام. كان وهو يسمع ملاحظات «كوادره» هادئاً، برغم أن المجتمعين تصادموا غير مرة. تقول مصادر اللجنة إنهم استطاعوا «الوصول الى مرحلة ندخل فيها الى الاجتماعات من دون أفكار مسبقة بعضنا عن بعضنا. هذا الأمر أراح الجنرال». تأتي هذه «الايجابية» بعدما تحسنت العلاقة بين أطراف اللجنة. فلم يعد مستغربا أن ترى باسيل والنائب عون يتناولان العشاء على طاولة واحدة، كما أن كنعان يكفيه أن باسيل أصبح يوافقه الرأي في اجتماعات تكتل التغيير والاصلاح، او يمازحه احياناً. أما نعيم، فقد نجح في منع فرض نظام محوك على قياس باسيل، وذلك بعد «محاولة الثورة» التي قام بها عبر نشر ملاحظاته على عمل التيار في الصحف. النقاشات المكثفة أثمرت اتفاقا شاملا ونهائياً على النظام الداخلي للتيار، برغم أن كثراً راهنوا على عدم توافر الرغبة الحقيقية في تحويل «العونية» من تيار الى حزب سياسي، له إطار عمله التنظيمي ولا يُحكم حصراً بأوامر «الرئيس». كل المحاولات السابقة والخلوات التي عُقدت دلّت على ذلك.
تتكتم مصادر اللجنة على نص المسودة النهائية التي «لا يملكها الا الجنرال. أما الملاحظات الأخيرة، فقد وزعت على الاربعة». النقطة الخلافية الأولى كانت صلاحيات المجلس الوطني، الذي يضم ممثلين عن الأقضية. يُنتخب المجلس الوطني من ممثلي الأقضية، الذين يُنتخبون بدورهم من هيئات المدن والقرى والبلدات. تمحور النقاش بداية «حول ما اذا كان يجب أن يتناسب عدد المندوبين مع حجم كل قضاء». مثلا في كسروان، هناك عشرة مندوبين، فهل يجب أن يكونوا جميعهم في المجلس، أم ينتدبون شخصا واحدا يكون صوته مساوياً لعشرة أصوات؟ كانت الغلبة لخيار «حضور مندوب واحد لكل قضاء في المجلس الوطني»، برغم أن هذا الخيار، دفع البعض الى التساؤل عن «قدرة المندوب على تمثيل القضاء وعدم استئثاره بالقرار». تقول المصادر إن النظام يلحظ هذه النقطة، «فجدول أعمال المجلس الوطني سيُرسل في كل مرة الى مجالس الأقضية من أجل درسه واتخاذ القرار المناسب بشأنه». عدد أعضاء المجلس الوطني الذي يضم أيضا ممثلين عن قطاعات أخرى في التيار (المهن والطلاب) لم يُحدد بعد، «ولكنه سيكون بين 285 و 300 عضو». مهمة هذا المجلس «مراقبة عمل المكتب السياسي. هو بمثابة مجلس نيابي ولكن فاعل».
النقطة الثانية التي كانت عالقة هي التي تختص بالمكتب السياسي. حُسم أنه سيكون هو السلطة التي تتخذ القرارات، كما أنه سيقسم الى قسمين «هيئة سياسية مصغرة تجتمع أسبوعيا، وهي تضم الوزراء والنواب وبعض الكوادر الأساسيين. وهيئة موسعة تضم عددا من الكوادر وتجتمع شهريا». وصلوا الى خلاصة أنه لا يمكن «للهيئة المصغرة اتخاذ أي قرار من دون أن تعود للهيئة الموسعة. احدى الركائز الاساسية اشراك جميع مكونات التيار في عملية اتخاذ القرار». وتجري هذه الطريقة بالتوافق، واذا تعذر ذلك، فالتصويت، من دون أن يكون لأحد حق النقض. من مهمّات المكتب السياسي أيضا حسم هوية المرشحين للنيابة وللحكومة: «الأسماء يقترحها الرئيس، والمكتب يوافق عليها أو يرفضها ». أما تحديد عدد ولايات نواب التيار في البرلمان، «فلم نأتِ على ذكره في المسودة».
كل مسؤول في الحزب الجديد سيجري انتخابه، «والرئيس أيضا يُنتخب من القاعدة». مدة الولاية حُددت بأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. أما المؤيدون للتيار، غير الملتزمين، «فسنفتح المجال للتشاور معهم، ربما عبر انشاء لجان »، ولكن تبقى بعض التفاصيل التي لم تأت المسودة على ذكرها، «لأنه لا يمكننا ذكر كل التفاصيل. لذلك سيُستلحق النظام باصدار قرارات تطبيقية من أجل توجيه العمل». الخطوة التالية هي تسجيل النظام في وزارة الداخلية، «قبل أن يعلنه الجنرال في التوقيت المناسب»، على أن تجرى الانتخابات الحزبية في الربيع المقبل.