أقل ما يمكن بعض النواب فعله هو التمديد لأنفسهم بعد كل ما فعلوه لناخبيهم؛ هناك مسؤولية وطنية تحتم عليهم ذلك. خذوا النائب هادي حبيش مثلاً. ماذا سيحل بعكار والعكاريين في حال إجراء الانتخابات واختيار الرئيس سعد الحريري غيره للترشح على لائحته؛ ماذا سيحصل بآلاف المشاريع الإنمائية التي يتابعها سعادته، وفريق الاختصاصيين الذين خصص لهم راتبه على غرار النواب الأوروبيين، ومئات القوانين التي تنتظر همّته التشريعية. يمكن من يتابعون حبيش تلفزيونياً قول ما يشاؤون عنه، لكن لا يمكن من يرى جهوده الجبارة لإنماء منطقته إلا أن يقف عندها. اسألوا المدرسة الرسمية في عكار عن هادي حبيش، اسألوا قطاعات الزراعة والصناعة والرياضة والسياحة والثقافة، وأخيراً البيئة. سهل عكار ينصفه، والقموعة والأنهر وشجر الزيتون والتفاح والعنب، وصناعة العسل والصابون والزيت والحجر الأسود.
جيّر، أطال الله عمر نيابته، علاقته الوطيدة مع الوزير وائل أبو فاعور حين كان في وزارة الشؤون الاجتماعية ليدخل تربية النحل المدعومة من «الشؤون» إلى كل بيت عكاري، موفراً مدخولاً إضافياً لكل عكاري من زراعة النحل. ولم يلبث أن استفاد من صداقته مع أبو فاعور في إحياء مستشفى عكار الحكومي، وتأمين عدة مستوصفات للمناطق الجبلية ومركزين مختصين بعلاج مرضى الكلى والأمراض السرطانية. عزز بحكم قربه من وزير الاتصالات بطرس حرب إرسال الهواتف التي ينتقل إرسالها في مساحات واسعة من عكار إلى الشبكة السورية. أما وزير السياحة ميشال فرعون فنقل مكان إقامته من الأشرفية وسن الفيل إلى عكار جراء ازدحام مفكرته بالنشاطات هناك. لله دره، سيكتب التاريخ أن في عهد حبيش النيابي لم تبق بلدة في عكار إلا استحدث فيها الوزير عبد المطلب حناوي قاعة رياضية مقفلة وملعبين أو ثلاثة. أنعش سعادته الرياضة ووفّر عبر علاقته بأصحاب المصارف الدعم للنوادي، فغزت الفرق العكارية دوريّ الكرة الطائرة وكرة السلة والقدم وغيرها. زوروا سرايا عكار اليوم واشهدوا على عظمة النائب المحامي وأهمية علاقته بوزير العدل أشرف ريفي. زوروا المرافق السياحية التي تؤمها الباصات الزرقاء محملة بالجماهير في نهاية كل أسبوع. زوروا المخافر التي وضعت حداً للبناء الفوضوي المخالف، ومفارز السير التي منعت تجوال السيارات من دون لوحات وحدّت من القيادة عكس السير. واسألوا ختاماً بلدته القبيات، تعلمكم أن خمسة مليارات خصصت لاستحداث وإصلاح شبكات الصرف الصحي فيها وبدأ العمل بأقنية ري بطول 15 كلم وتأمين 12 محول كهرباء بعد إيصال الكهرباء إلى أبعد النقاط في القبيات، لا بفضل جهود التيار الوطني الحر وملاحقة منسقه جيمي جبور الوزراء بمشاريع تفيد كل المواطنين دون استثناء، وإنما بفضل حبيش طبعاً.
أما غضب هادي حبيش الدائم من قوى 8 آذار التي صقل مواهبه الفنية في الرقص وغيره في مدارسها، فنابع من غيرته على عكار وإنمائها. فها هو حزب الله يوقف مشروعاً صناعياً استثنائياً كان حبيش قد تقدم به إلى وزير الصناعة حسين الحاج حسن، يقضي بتحويل الدولة (بالتعاون مع بعض المتمولين العكاريين والصناديق الخليجية) سهل عكار إلى مصنع الشرق الأوسط الغذائي، بحيث تُدعم زراعات محددة تستحدث بموازاتها مصانع غذائية ضخمة ليبدأ التصدير من مطار رينيه معوض إلى العالم كله. الحزب أوقف عبر حليفه الوزير غازي زعيتر مشروعاً هائلاً اقترحه حبيش أيضاً مع نخبة من المهندسين على وزارة الأشغال العامة لربط عكار بلبنان أولاً عبر أوتوستراد سريع، ووصل المناطق العكارية ببعضها البعض ثانياً عبر شبكة طرقات حديثة وجسور وأنفاق. أما وزير التربية العوني الياس أبو صعب فوضع حداً لمساعي حبيش الحثيثة من أجل استحداث فروع إضافية للجامعة اللبنانية في محافظة عكار، بحيث يوفر فرص عمل جديدة من جهة ويوفر على المواطنين المشقة المالية للتعلم في المناطق الأخرى.
ثمة الكثير من التحامل في الإعلام على سعادته. اسألوه في المقابلات المقبلة عن المشاريع الإنمائية التي نفذها خلال سنوات نيابته التسع. تجاهلوا كل ما سبق واسألوه عن آخر مشاريعه، أو حقيقة أولها بعد تسع سنوات نيابية: «علّية هادي». فسعادته وضع كل علاقاته الشخصية والسياسية مع الوزراء بتصرف مشروع إنمائي عام، وفر له رخصة من وزارة الزراعة تحمل رقم 3014/7/2137 لقطع مئات أشجار الصنوبر والسنديان التي يقال في القبيات إن عمرها من عمر البلدة، كما أمن رخصة أخرى من وزارة الأشغال تحمل رقم 3014/7387 لشق طريق بعرض 12 متراً وسط هذه الغابة الخضراء الاستثنائية على جانب الطريق العام من ساحة القبيات باتجاه المنطقة المعروفة بـ»القطلبة». إلا أن الغاية تبرر الوسيلة: ثمة منفعة عامة من هذا كله. سيشيد سعادته قصراً هنا؛ قصره الخاص، في المنطقة المعروفة بـ»العلّيّة». ويكفي المواطنين منفعة أن يجدوا باحة قبالة القصر يمضون فيها وقتهم بانتظار الشيخ هادي.
قريباً سيدعو النائب العكاري أصدقاءه السياسيين، يتقدمهم وزيرا الأشغال العامة غازي زعيتر والزراعة أكرم شهيب، إلى احتفال كبير بوضع الحجر الأساس لهذا المشروع، كما فعل حين حوّل سهرات خاصة به و»معازمه» إلى مهرجان سياحي إنمائي عظيم.