خطة أمنية جديدة للبقاع. في الشكل تعزيزات وحشود عسكرية أكثر من سابقاتها، إلا أن المضمون يبدو أنه لا يختلف كثيراً عن غيرها. الخطة التي يرجح مسؤول أمني أن تستمر لمدة لا تتجاوز عشرة أيام، سبق انطلاقها، وكما درجت العادة، انتشار معلومات عن عديدها وموعدها عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل ساعات على بدء تحرك الأجهزة الأمنية.
الخطة الأمنية الجديدة انطلقت فجر أول من أمس، بعدما استفحلت في البقاع حالة من الفلتان الأمني غير المسبوق: سرقة سيارات وفرض مبالغ مالية لاستردادها، سرقة سيارات ومصارف (سرقة مبلغ 500 مليون ليرة من مصرف الجمال في بعلبك)، سلب صيادين، فرض خوات على أصحاب المؤسسات والمتاجر في مدينة بعلبك وضواحيها، وصولاً إلى عمليات خطف مقابل فدية مالية. وآخر تلك العمليات، خطف الكويتي مظفر الهاجري قبل شهرين ثم الإفراج عنه الأسبوع الماضي بعد دفع فدية مالية قيمتها 400 ألف دولار.
ضاق البقاعيون ذرعاً بحالة الفلتان الأمني الحاصل. فالوضع بالنسبة إليهم "لم يعد يطاق"، وعلى الدولة أن تكون جادة في تنفيذ خططها الأمنية، لتوقيف "شوية زعران عم يحرموا منطقة طويلة عريضة من إنها تعيش وتسترزق" ، كما يقول أحد أبناء مدينة بعلبك الذي يحاول التعبير عن وجعه واستيائه. خلف ذلك الوجع، ثمة ثقة باتت "مهزوزة" بالدولة وخططها الأمنية، فيما تزخر صدور البقاعيين بتساؤلات عن "الجدوى من الخطط الأمنية إذا لم يتم توقيف المخلين بأمن المنطقة؟".
الخطة الأمنية التي انطلقت فجر يوم السبت الفائت لم تثمر حتى مساء يوم أمس توقيفات مهمة بحق مطلوبين للقضاء والأجهزة الأمنية، حيث اقتصرت فقط على ضبط مخزن أسلحة في بلدة بريتال، وحمولة 4 شاحنات من محصول حشيشة الكيف في بلدة دار الواسعة.
بلدة بتدعي المجاورة لبلدة دار الواسعة فجعت بمقتل ابنتها نديمة الفخري برصاص مسلحين فارّين من الجيش حاولوا الاستيلاء على سيارات عائلة الفخري بهدف الهرب بها. أصيبت الفخري وأصيب زوجها صبحي الفخري وولدهما روميو، ونقلوا جميعاً إلى مستشفى دار الأمل الجامعي في دورس، حيث ما لبثت أن فارقت الحياة، في وقت لا يزال فيه الزوج وولده يتلقيان العلاج. قطع أبناء بتدعي وقرى دير الأحمر يوم أمس طريق إيعات ــ دير الأحمر لبعض الوقت في اعتصام نفذوه استنكاراً للجريمة وللمطالبة بتسليم الفاعلين. الاعتصام حضره النائب العام لأبرشية بعلبك ودير الاحمر للموارنة الأباتي حنا رحمة، ورؤساء بلديات المنطقة. وشدد نجل المغدورة باتريك صبحي فخري على أن "العائلة لن تكتفي بالبيانات الاستنكارية التي لا تعينها، فحقها لدى آل جعفر وعليهم تسليم المجرمين للدولة، على أمل ألا يدفعوا آل الفخري إلى أخذ حقهم بواسطة الثأر، وإذا لم تقم الدولة بواجباتها فستبتلي العائلة بالدماء، وهذا برسم المعنيين؛ فالعائلة لا تريد حمل السلاح، لكن سكوت الدولة خطير جداً". المعتصمون وضعوا الجريمة برسم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام وقائد الجيش. وشدد الأباتي حنا رحمة على أن "دير الاحمر ومنطقتها تضع الجريمة في إطارها الفردي، إلا أنه ينبغي ألا يعمد أحد إلى تغطية هؤلاء المجرمين، وعلى الجميع القيام بواجبهم وعدم التقاعس وسوق أولادهم المجرمين الى العدالة، فهذا ما يطيب جرحنا ليبقى العيش الواحد". أضاف: "المشكلة كبيرة والمسؤولون عن الجريمة معروفون. وعلى آل جعفر تحمّل مسؤولياتهم حفاظاً على السلم الاهلي، فالدولة ملجأنا، وما زلنا نضبط شبابنا حتى هذه اللحظة، لكن للصبر حدود، وشعبنا يريد العيش، وعلى آل جعفر أن يعلموا أن طريقنا واحد وحياتنا واحدة، وعليهم اتخاذ الموقف الجدي والواضح والجريء. فمن غير المقبول أنه نتيجة بعض الخارجين عن القانون أن يقال إن البقاع الشمالي فاسد".
عشيرة آل جعفر من جهتها أصدرت بياناً بعد اجتماع لها عقدته في بلدة دار الواسعة عبّرت فيه عن "أسفها الشديد لاستشهاد الأخت العزيزة نديمة الفخري"، مؤكدة أنها كانت قد آلت على نفسها "عدم الرد احتراماً لمشاعر إخوتنا من آل الفخري، لكن "بعض المنابر الإعلامية المعروفة بشق صفوف اللبنانيين دأبت على إذكاء نار الفتنة المذهبية"، الأمر الذي دفعنا إلى التأكيد على بعض الملاحظات، ومنها أن آل الفخري ومنطقة دير الأحمر يعرفون جيداً أن عائلة جعفر كانت خط الدفاع الأول عن منطقة دير الأحمر وجوارها طوال السنوات الطويلة الماضية، وعملاً بوصية السيد موسى الصدر". وبحسب البيان، فإن "الدخول إلى منزل آل الفخري كان بهدف الحماية وطلب المساعدة، بناءً على معرفة مع العائلة منذ عشرات السنين، إلا أن تدافعاً حصل داخل المنزل وإطلاق نار من كل الجهات أدى إلى إصابة أختنا نديمة الفخري". وطلب المجتمعون من "القضاء، وبشكل خاص العسكري، متابعة التحقيق في الحادثة".