هي مجموعة عوامل لعبت دوراً في نجاح خدعة خطط لها ناشطون على شبكات التواصل الإجتماعي، بينهم الزميل قاسم س. قاسم للإيقاع بوسائل الإعلام. قبل فترة، انتشر خبر تبيّن لاحقاً أنه من نسج الخيال، وتداولته صحف ومواقع إلكترونية عدة، مفاده أنّ صفقة عسكرية سرية قد تمت بين «حزب الله» و«الصناعات الحربية الإلكترونية الروسية» تتضمن تزويد الحزب بـ«خوذ مراقبة رقمية مهمتها الكشف عن المواد المتفجرة الخفية ومتصلة بنظارات مخصّصة لهذا الهدف». الخبر نُسب إلى صحيفة «برافدا» الروسية لكن قلة من الصحافيين بذلت مجهوداً للتأكد من عدم صحة المعلومة.خبر الصفقة العسكرية المزعومة يضاف إلى سلسلة أخبار كاذبة ومختلقة باتت من الخبز اليومي للكثير من وسائل الإعلام. وسائل باتت تأخذ أخبارها من شبكات التواصل الإجتماعي من دون تدقيق. ممارسات هذه المؤسسات رافقها سخط من قبل صحافيين وناشطين يدعونها إلى توخي الدقة والمصداقية وعدم استغباء الناس. لكن يبدو أنّ هذه الدعوات لم تلق آذاناً صاغية، لذا كان من السهل إختلاق خبر كاذب كالذي أشرنا إليه. علماً بأنّ الخبر «دُعم» بمصدر هو صحيفة De Telegraaf، وهي إحدى أهم الصحف الهولندية.
الخبر المختلق يفيد بأنّ أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله نجا من محاولة إغتيال بفضل الخوذ التي ارتدتها «القوات الخاصة» التي ظهرت في يوم إحياء ذكرى عاشوراء في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت. ولإعطاء الخبر المفبرك «مصداقية»، تم نسب الخبر إلى «مسؤول أمني أوروبي» يعمل في إحدى السفارات في «تل أبيب»، مضيفاً أنّ الصحيفة الهولندية تواصلت مع ضباط أمن إسرائيليين لمزيد من «الموضوعية» لكن المحاولات باءت بالفشل!.
هكذا، فبرك الخبر الذي ساعد على تصديقه شائعة مشاركة السيد نصر الله شخصياً في مسيرة عاشوراء، والجدل الواسع الذي طال ظهور المقنعين من «القوات الخاصة» التابعة للحزب الذين دارت حول مهامهم تساؤلات عدّة.
بعدها، نشر الناشطون الخبر على حساب وهمي على فايسبوك، ليبدأ تداوله بكثرة على تطبيق «واتسآب» وعلى مواقع إخبارية إلكترونية. تعدّى نشر الخبر الجهات المحلية لتشمل بلداناً عدّة أبرزها إيران، ومصر، وفلسطين (غزّة)، والكويت... وطبعاً كان للإعلام المحلي حصة وافرة، بداية مع موقع قناة «المنار» (الفرنسي)،وصولاً إلى قنوات «الجديد» وlbci وmtv، من دون أي تدقيق،إلى أن نشر قاسم حقيقة ما حصل على صفحته الفايسبوكية بعدما كاد يصدّق فعلاً أنّ الموضوع حقيقي وفق ما قال لنا.
فضح الصحافي الفلسطيني المسألة التي نجحت في اختبار وسائل الإعلام، قبل أن يظهر حجم الهشاشة والتقصير الذي يعتريها. هكذا، أجبرت المؤسسات الإعلامية، لكن من دون إعتذار. بعد ذلك، عادت المؤسسات نفسها إلى نشر الخبر على أنّه مجرّد دعابة ولا يمت إلى الحقيقة بصلة!
إذاً، هو فخ نصبته مجموعة ناشطين لوسائل الإعلام منعاً لاستغباء الناس وحضّاً على ممارسة جهد بسيط في التدقيق قبل النشر، لكن هل تلقنت هذه الوسائل درساً، أم أنّ رهانها كان وسيبقى على عدم مساءلة الناس لها؟