انتهت العمليات العسكرية مطلع العام الحالي جنوب العاصمة دمشق، بحصر المسلحين إلى حدّ كبير ضمن مربع الحجر الأسود، ويلدا، وببيلا، وبيت سحم.بعد نجاح العمل العسكري في لجم الخطر القادم من تلك الخاصرة الجنوبية، ووضع حدّ لتمادي المسلحين الذين يسيطرون على تلك البلدات بشكل كامل منذ حوالى سنتين، لجأ «وجهاء» تلك المناطق إلى مشروع المصالحة الوطنية الذي تسعى الدولة السورية إلى تنفيذه.

نجح المشروع في تحييد يلدا وببيلا مطلع العام الحالي عن خارطة المعارك، بينما كانت الهدنة قد باتت أمر واقعياً في بيت سحم المحاذية، التي تشكل أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة إلى طريق مطار دمشق الدولي، وبالتالي للغوطة الشرقية.
الهدنة هذه يبدو أنها لن تكتمل في بيت سحم، ويبدو أنّ مشروع المصالحة في تلك المناطق يفشل في ظل سطوة «جبهة النصرة» و«داعش». خروقات عدة نفذها هؤلاء لضرب بنود الاتفاقيات مع لجان المصالحة. آخر هذه الخروقات ما قام به مجهولون من محاولة اغتيال لشيخين من أعضاء اللجنة، بعد ثلاثة اجتماعات بينهم وبين متزعمي مجموعات مسلحة. مصادر مطلعة أفادت «الأخبار» بأن تحذيرات أوصلت إلى المسلحين للالتزام بشروط المصالحة، بعد حالات قنص عدة سجلت على طريق المطار ومناطق أخرى.
التحذيرات لم تلق أذناً صاغية لدى متزعّمي «النصرة» وغيرهم. محاولة اغتيال «شيوخ المصالحة» وصفها مصدر متابع بأنها «رسالة استفزازية من المسلحين». فكان الرد حسب المصدر، بأن عادت الأجهزة السورية لتحذير المسلحين في الداخل، وأمّنت خروج العديد من المدنيين المحتجزين في بيت سحم باتجاه دمشق. مصادر أفادت بأن مقاتلي «جيش الإسلام» يخشون المواجهة ويريدون الخروج من بيت سحم، وذلك بسبب خوفهم من أن تفرض المواجهة مع القوات العسكرية السورية خيار الانسحاب نحو الحجر الأسود، حيث معاقل عدوّهم «داعش». وبناءً على ذلك أعلن عدد منهم مع متزعمهيم رغبتهم في الخروج، فجاء الرد من «الهيئة الشرعية»، في بيان، حرّمت فيه «الانسحاب من أرض للمسلمين ما لم يكن القرار بإجماع المجاهدين». يأتي ذلك في ظل غضب شعبي يماثل، من حيث المبدأ، الحراك الشعبي القائم في دوما، حيث تظاهر المئات من أهالي بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم بقيادة عضوي لجنة المصالحة الوطنية الشيخ أنس الطويل وصالح الخطيب، ضد مسلحي «جبهة النصرة»، خوفاً من تقويض عملية إنجاح أي مبادرة، ما قد يعيد المنطقة إلى حالة القتال والمواجهات.




شهدت بلدة بيت سحم في ريف دمشق الجنوبي، مساء أمس، توتّراً شديداً، وذلك بعد قتل أحد عناصر «جبهة النصرة» داخل البلدة من قبل أقارب بعض المعتقلين لدى التنظيم القاعدي بتهمة «التلفظ بالكفر». وتبع ذلك انتشار عشرات العناصر من «النصرة» داخل البلدة، مغلقين جميع مداخلها، حيث دار اشتباك بينهم وبين مسلحين محليين من بيت سحم. أعقب ذلك خروج المئات من مدنيي بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم في تظاهرات تنديداً بممارسات «النصرة».