تعثّرت الخطة الأمنية في البقاع بعد ساعات على انطلاقة حملات الدهم فيها. جريمة بلدة بتدعي، التي ذهب ضحيتها كل من نديمة الفخري وزوجها صبحي (توفي صباح أمس)، أرخت بثقلها على المسار الأمني المقرر اتباعه، وعرقلت ترتيب أولوياته. الخطة الأمنية حتى يوم أمس كانت نتيجتها «صفر توقيفات»، بحسب مصادر أمنية. فقد اقتصرت مداهماتها على تلك التي نفذت في بريتال ودار الواسعة، وأخرى يوم أمس في حي آل صلح في بعلبك لمحل للمدعو ي. الغز، الذي ضبطت فيه سيارة رباعية الدفع.
ما خلا ذلك لم تنفذ القوى الأمنية أي مداهمات أو توقيفات لمطلوبين. مسؤول أمني لم ينف أن الخطة الأمنية «تعثّرت بعض الشيء»، إلا أنه يشدد على أن كل ذلك «لن يحول دون المضي في تنفيذها وبسط الأمن والاستقرار في المنطقة». عمليات الدهم وملاحقة المطلوبين، سواء أولئك الذين ارتكبوا جريمة بتدعي أو غيرهم، «ستتواصل» بحسب المسؤول الأمني، لكن «بعد عمليات رصد ومتابعة دقيقة لتحركاتهم وأماكن تواريهم، بغية تقديمهم إلى القضاء والعدالة لمحاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها».
بلدة بتدعي التي ودّعت المغدورة نديمة الفخري، كانت تترقب الوضع الصحي الخطير للزوج صبحي في مستشفى دار الأمل الجامعي. لم يطل الأمر كثيراً حتى فجعت البلدة بوفاة الفخري صباح أمس متأثراً بإصابته. خبر الوفاة عاد وأشعل حالة من الغضب العارم في منطقة دير الأحمر استنكاراً للجريمة البشعة التي طالت عائلة آمنة.
الموسوي: فلتحسم الأجهزة ولتنظّف المنطقة من الزعران
إلا أن الجهود السريعة التي بذلت من قبل فعاليات المنطقة الدينية والحزبية والعشائرية تمكنت من إخماد نار الغضب، وحالت دون تفاقم الأمور، وحتى السماح للبعض باستثمار الجريمة وتوظيفها، «وعدم تحويلها إلى تنازع سياسي أو فتنة طائفية، لا سيما أن هناك من يريد أن يصطاد في الماء العكر»، بحسب المطران سمعان عطالله راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر للموارنة. لم ينكر عطالله الاتصالات العديدة التي أجريت مع كافة المراجع المعنية، والتي أكد بعدها «أننا لسنا من طلاب الثأر والانتقام، ولكن هناك كرامات وحرمات منازل، وقد ارتكبت الجريمة من قبل أشخاص ضربوا عرض الحائط بكل القيم»، وعلى «الدولة القيام بواجبها ووقف الشرور التي تطالنا، ونحن على ثقة بأن الدولة بإمكانها توقيف الفاعلين ومعاقبتهم، ووضع حدّ لهذه الامور وحزم أمرها، لتعود هيبتها من خلال العمل السريع والنهائي، وآمالنا معلقة عليها».
بدوره، نجل الضحيتين، روميو، الذي أصيب خلال الجريمة انتقد الأجهزة الأمنية، إذ «كيف تشاهد المروحيات ما جرى وتسمح للفاعلين بالهروب». وطالب الجيش بالتحرك سريعاً، «فليس أمامنا وقت، لأن هذه الحادثة لن تفوت كسابقاتها، وتحرك الدولة يمنع حدوث أي مصيبة في المنطقة». النائب عاصم قانصوه، خلال تأديته واجب العزاء في منزل المغدورين الفخري، رأى أن ما جرى «مصيبة» حلت على كافة أبناء منطقة بعلبك ـ الهرمل وأنها «من أسوأ الجرائم المرتكبة»، مشدداً على أن يكون هناك قرار حازم لتوقيف الفاعلين سريعاً والحد من الفلتان الأمني ومحاكمة الفاعلين، أقله لتهدئة النفوس في منطقتنا ودير الاحمر، آملين عدم استغلال هذه الحادثة، لأننا جميعاً الى جانبهم ومعهم».
عائلة جعفر التي تشتبه الأجهزة الامنية في أن قتلة الفخري من أبنائها، عقدت اجتماعاً في منزل ياسين جعفر الذي أكد «أسف العشيرة الشديد على مقتل الصديق الغالي صبحي الفخري وزوجته نديمة الفخري»، معلناً وقوف العشيرة إلى جانب العائلة في مصابها الذي آلم الجميع، والمطالبة بتحقيق شفاف يظهر هوية من ارتكب الجريمة». وشدد جعفر لـ»الأخبار» على أن ما «تُظهره تحقيقات الأجهزة الأمنية وما تشير إليه عائلة الفخري وأبناء بتدعي ودير الأحمر وما يتحمله ضميرهم، سنقبل به ولن تغطي عشيرة آل جعفر من ارتكب الجريمة وستساعد القوى الأمنية في توقيفه وتقديمه للعدالة للاقتصاص منه».
وفي السياق نفسه، وضمن إطار دعم الخطة الأمنية في البقاع، والتأكيد على رفع الغطاء السياسي والحزبي عن المطلوبين في البقاع، أكد رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك «ضرورة إقدام المؤسسات الأمنية على الضرب بيد من حديد لكل من يعبث بأمن اللبنانيين، والسعي من أجل توقيفهم». وخلال احتفال تأبيني في بعلبك لمناسبة مرور أربعين يوماً على ذكرى الشهداء نزار طراف وفؤاد مرتضى وعمار عساف وعلي النمر، أكد مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي أن «من يعتقد أننا ندعم الجيش والقوى الامنية، عندما تقوم بمهمة معينة، ونحجب ذلك الدعم عند قيامها بمهمة أخرى، هو مشتبه ومخطئ». وشدد على دعم الجيش والقوى الأمنية «لتقوم بكل المهمات المطلوبة منها، وعلى كل الأراضي اللبنانية، لتضرب بيد من حديد كل أشكال الارهاب، وكل أشكال التفلت الامني والاعمال غير المشروعة، لأننا أكثر المستفيدين من إحلال الاستقرار والامن في ربوعنا، ومجتمعنا يكون ممتنّاً إذا ما تمّت تنقية المنطقة وتنظيفها من الزعران والشبيحة وغيرهم». ورأى الموسوي أن جميع أبناء المنطقة، من قوى سياسية وحزبية وعائلات روحية، يقفون «في موقع واحد ويد واحدة في النظرة لهذه الامور، لأننا نحن وأهلنا واستقرارنا وسمعتنا وصورتنا من يدفع الثمن، ولن نقبل أن تؤدي الاعمال القصيرة النظر والسيئة وغير المسؤولة والمستنكرة إلى أن تشوّه منطقة رفع اسمها الشهداء عالياً. فنحن مع الجيش والاجهزة الامنية أن تحسم وتريحنا».