هل تعود الحرارة الى العلاقة بين التيار الوطني الحرّ ورئيس الكتلة الشعبية النائب السابق إلياس سكاف، بعد برودة امتدت لأكثر من 5 سنوات؟ سؤال يطرح بقوة على الساحة الزحليّة، بعد الرسائل الإيجابية التي وجهها وزير الخارجية جبران باسيل، في زيارته الأخيرة لقرى شرقي زحلة، الى «حليف الأمس».
لم تكن عابرة زيارة باسيل، وبات جلياً أن من بين أهدافها محاولة ترميم العلاقة بين التيار الوطني الحر والكتلة الشعبيّة، بعدما كان كل منهما قد حمّل الآخر مسؤولية الخسارة التي منيا بها في الانتخابات النيابية عام 2009، وما تبعها من تداعيات وصلت أحياناً الى حدّ القطيعة بين الطرفين، ولا سيما بعد إعلان سكاف إعادة النظر في تحالفاته الانتخابية، وقراره باعتماد خيار الاستقلالية في تشكيل اللوائح في مراحل لاحقة. وفي مقابل ذلك، أبدى عونيو زحلة، طوال هذه الفترة، حرصهم على عدم قطع شعرة معاوية مع حليفهم السابق، وهم أعلنوا في غير مناسبة أن ما حصل ليس سوى غيمة صيف عابرة عكّرت صفو العلاقة بين خطين سياسيين ما يجمعهما أكثر بكثير مما يفرقهما.
باسيل اتصل بسكاف:
لا يمكن نكران عطاءات هذا البيت الوطني
وعلمت «الأخبار» من مصادر داخل الكتلة الشعبيّة أن باسيل اتصل هاتفياً بسكاف للاطمئنان الى صحته ووضعه في أجواء جولته. وخلال العشاء الذي أقامته هيئة التيار في زحلة على شرفه، توجه وزير الخارجية الى الحاضرين بالقول: «لا أحد يمكنه تغييب دور آل سكاف، ولا يمكن نكران عطاءات هذا البيت الوطني الكبير الذي يستحيل فصل تاريخه عن تاريخ زحلة العريق». رسائل تضعها أوساط عونيّة في إطار الانفتاح على جميع القوى السياسية، «بما فيها تلك التي كانت بالأمس القريب حليفة للتيار وتدعمه في نهجه الإصلاحي». ووصف متابعون للشأن العام في زحلة مبادرة باسيل في اتجاه سكاف، بـ»ضربة معلم»‘ إذ جاءت في خضم معركة البيانات والردود المضادة بين الكتلة الشعبية وحزب القوات اللبنانيّة. إذ ردّت الكتلة الشعبيّة، قبل يومين، بعنف على كلام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي قال خلال خلوة حزبية «إن القوات حررت منطقة زحلة من هيمنة الزعامات التقليدية الرجعيّة». وسألت الكتلة «أليس جعجع هو من فرّ من حرب زحلة لأنها كانت خاسرة في نظره؟».
دعوة باسيل الى فتح صفحة جديدة مع آل سكاف، سبقها موقف مماثل، على نحو غير مباشر، للنائب سامي الجميل الذي أوصى كوادر حزب الكتائب، خلال زيارته الأخيرة لزحلة، «بإنهاء حالات الخصومات ضمن الأحياء والبلدات والبقاء على مسافة واحدة من الجميع». هذه المواقف المستجدّة الصادرة عن فريقين على طرفي نقيض في السياسة، أسهمت في تحريك الجمود السياسي الذي تعيشه المدينة، وتركت أكثر من علامة استفهام حول ما يمكن أن تحمله المراحل المقبلة من خلط للأوراق على الساحة الزحليّة. وفي السياق، تؤكد أوساط من الدائرة الضيقة في الكتلة الشعبية لـ«الأخبار» أنه «يمكن البناء على هذه الإيجابيات في المستقبل، على أمل أن تترجم على أرض الواقع، من خلال إقناع البعض بتغيير نمط التعاطي معنا بسلبيّة»، وخصوصاً «أننا نعتمد في سياستنا الانفتاح على الجميع، ولا نوصد الأبواب أمام أحد، ويدنا ممدودة للجميع دون استثناء، لكننا في الوقت الحاضر لا نزال نحافظ على استقلالية قرارنا، على أن تبقى الأمور رهناً بالظروف المفتوحة على كل الاحتمالات».