المواصفات الجديدة للملح التي صدرت بقانون قبل سنوات عدة باتت إلزامية لكل مستهلك. وإذا كانت زيادة اليود إلى الملح مفيدة للوقاية من أمراض الغدد بإجماع طبي واضح، فإن زيادة الفلوريد أو الفيلور إلى الملح مسألة فيها وجهتا نظر. بعد رحلة ماراثونية بدأت في مجلس الوزراء قبل خمس سنوات، أقر مجلس النواب في ٢٩ آب 2011 قانوناً جديداً حمل الرقم 178 ينص على إلزامية أن يحتوي الملح المعدّ للمائدة أو للمطبخ في لبنان، على مادة أيودور البوتاسيوم (kI) أو ايودات البوتاسيوم ( KIO3) ومادة فليورور البوتاسيوم (Fk) أو فليوراد البوتاسيوم KF2 H2O.

وصدر بتاريخ 22 أيار 2014 المرسوم رقم 11841 الذي يلزم أصحاب معامل ومحامص الملح في لبنان بزيادة مادة الفلور بنسبة 250 ملغ بالكيلوغرام الواحد ومنع إدخال واستيراد مادة الملح ما لم تكن مفلورة (وميودة)، على أن يبدأ تطبيقه بعد سنة من تاريخه!
أنصار فلورة الملح، وعلى رأسهم العميد السابق لكلية طب الأسنان في الجامعة اللبنانية البروفسور منير ضومط والمدير العام لوزارة الصحة د. وليد عمار يؤكدون أن فلورة الملح تجربة عمرها 60 سنة في سويسرا وغيرها من الدول الأوروبية وقد تبنتها منظمة الصحة العالمية، وأن الدخول المنتظم لكمية قليلة من الفلور يساعد على تراجع لافت بنسبة ٦٠٪ لتسوّس الأسنان، وخصوصاً أن معدلات التسوس عند الأطفال في لبنان هي الأعلى في العالم.
بالمقابل، يرى العديد من الخبراء في لبنان وحول العالم أن مخاطر جدية محدقة تهدد صحة الإنسان إذا أضيفت مادة «الفلورايد» الى الملح، ويذهب هؤلاء الى حد اعتبار مادة الفيلور سامة، وقد انضمت إليهم في هذه الحملة جمعية حماية المستهلك التي قدمت لوزير الصحة وائل أبوفاعور طلباً رسمياً بتجميد العمل بالقانون رقم 178 الصادر عام 2011 ، والذي ينص على إلزامية إضافة مادة اليود ومادة الفليورور أو فليورايد البوتاسيوم الى الملح المعد في لبنان بحجة مكافحة تسوس الأسنان.
جولة على عدد من السوبرماركات في بيروت أظهرت أن جميع أصناف الملح المستورد باتت تحمل المواصفات الإلزامية الجديدة، ويرد على المستوعب عبارة «ملح ميود ومفلور»، في حين لا تزال معامل تكرير وتحميص الملح في لبنان وهي أربعة معامل موجودة في أنفة والقلمون في شمال لبنان تتجهز لإدخال مادة الفيلور الى الملح الذي يستورد خاماً من مصر ويغسل ويحمص في أفران قبل أن يطرح في الأسواق ويباع للمستهلك.
يجمع الخبراء على أن الفلورايد مادة خطرة وتتطلب الاستعانة بها أو إضافتها الى المنتجات (كمعجون الأسنان أو المياه أو الملح) معايير دقيقة جداً ونظام مراقبة، إلى درجة أن معاجين الأسنان التي تحوي الفلوريد تتضمن تحذيراً من خطر التسمم في حال ابتلاع المعجون.
الخبير في الصحة العامة عماد محفوظ أكد لـ»الأخبار» أن المعايير التي استندت إليها وزارة الصحة قبل ١٥ عاماً لإقرار قانون جديد لفلورة الملح لم تكن مكتملة، ويعطي مثالاً على ذلك ينابيع المياه، إذ إن العينة التي فحصتها الوزارة في حينها بينت أن أكثر من ١٦ مصدراً للمياه، تم فحصها، تحوي نسبة من الفيلور تزيد على ٠.٥ ملغ، وهذا يحتم على من يشرب هذه المياه أن لا تدخل جسمه مادة الفيلور وإلا تعرض لخطر الإصابة بمرض الأنسام الفلوري للأسنان. كما يؤكد محفوظ أن بعض المناطق مثل إقليم الخروب في الشوف تمتاز ينابيعها بوجود نسبة عاليه من مادة الفيلور، وهذا يعني أن هؤلاء إذا تناولوا ملحاً مفلوراً بشكل إلزامي ولم يكن لديهم الخيار لتناول الأطعمة التي لا تحتوي على الملح المفلور فسوف يعانون من الأمراض على المديين المتوسط والطويل. ويضيف محفوظ «ماذا عن الأطفال الرضع والحوامل، فهاتان الفئتان يمنع عليهما تناول الملح المفلور، من أين سيأكلون؟ وكيف تستطيع المرأة الحامل تجنب الملح المفلور طوال تسعة أشهر من الحمل؟ هذا السؤال لم تجبنا عنه وزارة الصحة إلى اليوم.
تؤكد دراسات عدة خطورة إضافة الفلور إلى الملح أو إلى المياه


ودعا محفوظ الى إعادة النظر بالقانون، وخصوصاً أن جامايكا هي الدولة الوحيدة التي تلزم فلورة الملح، يليها لبنان.
وتؤكد دراسات عدة على خطورة إضافة الفلور الى الملح أو المياه ، وتنشط عشرات المواقع الإلكترونية في الدعاية المضادة للفلور. لكن الدراسة العلمية الأبرز هي تلك الصادرة عن جامعة هارفرد والتي خلصت الى وجود رابط بين معدل ذكاء الأطفال ونسبة دخول مادة الفلور الى أجسامهم.
يؤكد طوني دعبول مدير معمل قصر الملح في أنفة استعداده للالتزام بقانون فلوره الملح، رغم تحفظاته على إلزامية هذا الخيار. ويعتب دعبول لكون وزارة الصحة لم تبادر الى إرشاده حول آلية خلط هذه المادة، على غرار ما حصل في التسعينيات عندما فرضت زيادة مادة اليود الى الملح. اختار دعبول أن يجري اختباراً في معمله، فأضاف مادة الفلور السائلة الى الملح قبل التحميص وأرسل العينة الى مختبر غرفة التجارة والصناعة في طرابلس، وهو يؤكد أنه في حال فشل تجربة إضافة الفيلور قبل التحميص فإنه على استعداد لتجربة إضافتها بعد التحميص، لكنه يؤكد أن دقة العيار تحتاج الى إشراف من مختصين وهو ما لم يحصل بعد.
بدورها، تشير سعاد هيكل صاحبة معمل نبتون للملح الى أنها ليست على استعداد لإضافة مادة الفيلور الى الملح ما لم تتلق معونة مالية من وزارة الصحة، وأنه في حال إلزامها بإضافة هذه المادة سوف تغلق المعمل الذي يعاني أساساً من المضاربة لكونه المعمل الوحيد الذي كان يكرر الملح بدل غسله وتحول منذ مدة الى غسل الملح وتحميصه بدل تكريره لكي يستطيع المنافسة في السوق.


يمكنكم متابعة بسام القنطار عبر | http://about.me/bassam.kantar




يؤكد الدكتور عمر عبيد من الجامعة الأميركية في بيروت مخاطر إلزامية إضافة مادة الفيلور الى الملح في لبنان، وخصوصاً مع غياب الرقابة وانفلات السوق من الالتزام بالمقاييس والمواصفات. ويشير عبيد الى وجود مادة الفيلور بكمية كبيرة في الشاي وهي مادة يشربها اللبنانيون بكثرة، الأمر الذي يعني أن فلورة الملح ستؤدي الى زيادة نسبة تناول الفيلور بنسبة كبيرة عند اللبنانيين وهو ما يشكل خطراً على الصحة العامة.
وأطلق نشطاء على موقع Avaaz حملة تطالب بوقف العمل بقانون فلورة الملح ويمكن لمن يريد التوقيع على العريضة زيارة الرابط الآتي: https://secure.avaaz.org/en/petition/The_Lebanese_Ministry_of_Health_Stop_fluoridation_in_water_and_salt_in_Lebanon/?nFVvbab ) .