أغمض بيار عازوري (الصورة) عينيه أخيراً، على رحلة امتدّت لأربع وثمانين عاماً. مشوار انطلق من بورسعيد حيث ولد عام 1930، وانتهى في بيروت حيث غادرنا في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، مشوار قضى معظمه شغوفاً بالعلم وبالموسيقى. الأستاذ في دائرتي الهندسة الميكانيكية والفنون الجميلة وتاريخها في «الجامعة الأميركية في بيروت»، تخرّج من «كلية فيكتوريا» في الإسكندرية، ثم سافر إلى بريطانيا لينال درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من «جامعة لندن». تابع دراسته في «إمبريال كولدج» حيث حاز على دكتوراه في الهندسة الميكانيكية عام 1961.
في العام نفسه، انضم إلى «الجامعة الأميركية في بيروت» كأستاذ مساعد في الهندسة الميكانيكية ليترقّى لاحقاً إلى أستاذ ثم إلى رئيس لدائرة الهندسة الميكانيكية بين 1987 و1995.
خلال حياته، أنجز أبحاثاً علمية عن تدفق السوائل تحت الضغط، فتحت آفاقاً جديدة ونُشرت في المجلات الأكاديمية. كما نشر كتابه «التطبيقات الهندسية للدَفَق غير المستقر» عام 1992.
يشكّل الفضاء الهندسي جزءاً من إهتمام عازوري، فقد اقتفى شغفه العظيم بالموسيقى الكلاسيكية، غارفاً من العلاقة بين الموسيقى والهندسة، ومحاضراً عن نشوة الاختراع الموجودة، برأيه، في الموسيقى كما في العلم. وفي سنة 1998، قدّم محاضرات عن المؤلّف الفرنسي موريس رافل (1875 ــ 1937) وعن «أوبرا كارمن» للفرنسي جورج بيزيه.
وبمناسبة الذكرى المئة والخمسين لشوبان وضع كتابه المرجعي «شوبان من خلال معاصريه» في 1999، نال عنه وساماً تكريمياً من السفارة البولندية في بيروت. وكان بيار عازوري عضواً في «جمعية أصدقاء مهرجان البستان»، كما ساهم في إعداد برنامجها الإحتفالي في ذكرى شوبان الذي تأثر به خلال حياته، وحاضر مرات عدة عن موزار في التسعينيات. وقد ألّف بيار عازوري مقطوعاته الموسيقية متأثّراً بجبران خليل جبران وبالحرب الأهلية اللبنانية، ودأب على اختتام المؤتمرات المهمة في الكلية بحفلة من الموسيقى الكلاسيكية إلى جانب طلابه.