منذ اتخاذها قراراً مطلع عام 2001 بالعمل على الاستثمار في قطاع الناشئين، وألمانيا تفرّخ المواهب المميزة. هذه المواهب كانت غالبيتها خلف التتويج بكأس العالم 2014، فلمعت أسماء توماس مولر وماريو غوتزه وطوني كروس وأندريه شورله وماتس هاملس وجيروم بواتنغ وغيرهم. أما اليوم، فجيل آخر يستعد لاقتحام الساحة مع أسماء بارزة؛ منها مدافع شتوتغارت أنطونيو روديغر.
روديغر (21 عاماً) أثبت نفسه سريعاً واحداً من الخيارات الأساسية للمدرب يواكيم لوف في «المانشافت»، فكانت المباراة الأولى له في 11 تشرين الأول الماضي ضمن تصفيات كأس أوروبا ضد بولونيا. ولم تكن النشأة الكروية لهذا اللاعب سهلة، إذ بدّل أندية عدة بظرف مواسم قليلة. تدرّج في سبيربر نيو كولن عام 2000 وبقي هناك الى 2002، ثم لعب مع تاسمانيا برلين من 2002 الى 2005، وانتقل منه الى نيوكولنر سبورت فرند لموسم واحد. موسمان في هيرتا زيلنديروف حتى 2008، وتجربته الأهم في صغره كانت مع بوروسيا دورتموند من 2008 الى2011 ، ثم حطّ في شتوتغارت بعقد يمتد حتى حزيران 2017.
سجل هدفه الأول هناك في 1 أيلول 2013 ضد هوفنهايم، وبدأ يضع قدميه كلاعب أساسي في الفريق. تساعده قامته الطويلة (190 سنتم) في مهماته الدفاعية. لطالما كان المدافعون الألمان قلائل نسبة الى اللاعبين المتوفرين في باقي المراكز، وخصوصاً خط الوسط. الآن، صار الصراع في المنتخب على مركز قلب الدفاع أقوى، إذ يتشارك مع هاملس وبواتنغ بالمركز نفسه. وما يساعده ويريحه هو أنه يلعب في مركزين كظهير وكقلب دفاع.
روديغر «خارج عن القانون» فهو يختلف عن بقية زملائه الألمان بعدم انضباطه الكامل داخل الملعب، حيث أوقف سابقاً ثلاث مباريات بعد ضربه بشكلٍ عنيف قائد هامبورغ الهولندي رافايل فان در فارت خلال مباراة فريقيهما في الدوري. هذه سلبيته الوحيدة التي ظهرت حتى الآن، أما الثقة التي أعطاه إياها لوف قبل أيام في تصفيات «يورو 2016»، فقد كانت في مكانها.
العروض تنهال عليه اليوم من شتى أنحاء أوروبا. تشلسي ومانشستر يونايتد الإنكليزيان، موناكو وباريس سان جيرمان الفرنسيان، فالنسيا الإسباني، وأخيراً انضم الى هؤلاء يوفنتوس الإيطالي. الغريب أن صيَّاد المواهب مدرب أرسنال الفرنسي أرسين فينغر لم يعره أي انتباه بعد، في وقتٍ قيل فيه إن روديغر ينتظر أقرب تودّد من فينغر حتى يحقق حلمه باللعب مع «الغانرز». لكن إن ذهب الى هناك أو الى أي نادٍ آخر، فالنتيجة يرجح أن تكون نفسها وهي النجاح الباهر.
لا تزال جماهير «المانشافت» تنتظر مزيداً من النجاحات للكرة الألمانية، ولم يكن استشهاد الاتحاد الأوروبي للعبة بالسياسة الألمانية في قطاع الشباب بقوله إنها من الأفضل في أوروبا، عن عبث، إذ تتجلى صورة هذا القول الأخير بموهبة جديدة اسمها أنطونيو روديغر.