كشفت مصادر مصرفية مطلعة، أن بعض المصارف الكبرى استلفت أموالاً من مصارف أجنبية بضمانة سندات الخزينة وشهادات الإيداع بالدولار، ثم اعادت توظيف الأموال المستلفة في شراء سندات خزينة أو شهادات إيداع. هذا الممارسات تنطوي على مخاطر كبيرة باتت تقلق مصرف لبنان، ولا سيما أنها تسمح بتأجيج المضاربات المالية وتمويل المضاربات العقارية. وتشجّع على خلق أدوات مالية مركبة، كالتي خلقت الفقاعات المالية في مراحل واسواق مختلفة.
يقول مصرفي لـ»الأخبار» إن مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف كانا على علم بهذه الممارسات وتراخيا سابقا في مراقبتها ومنعها، وعمدا مرارا الى اعطاء المصارف مهل تصحيح «لا يمكن وصفها بأنها حازمة»، «لكن المصارف لا تزال تمانع ولا تتقبل حاجة مصرف لبنان الى استخدام بعض الشدّة والحزم». وهذا ما دفع حاكم مصرف لبنان لاصدار التعميم الرقم 378 الذي يمنع فيه على المصارف والمؤسسات المالية المقيمة في لبنان الاستلاف أو الحصول على تمويل من القطاع المالي غير المقيم مقابل ضمانة سندات الخزينة اللبنانية بالعملات الأجنبية (يوروبوندز) أو شهادات الإيداع الصادرة عن مصرف لبنان بالدولار أو سندات الخزينة السيادية الأجنبية أو أي سندات أجنبية أخرى، إلا ضمن الشروط الآتية:
ــ عدم تجاوز قيمة القرض نسبة 60% من قيمة الضمانة المكونة من محفظة السندات السيادية أو شهادات الإيداع المشار إليها، ونسبة 50% من قيمة الضمانة المكوّنة من محفظة السندات الأجنبية الأخرى.
ــ عدم تجاوز المبالغ المقترضة نسبة 50% من قيمة الأموال الخاصة لأي من المصارف أو المؤسسات المالية.
ــ عدم إدخال قيمة شهادات الإيداع المصرفية الصادرة عن مصرف لبنان بالعملة الأجنبية إذا كانت مقدمة كضمانة لهذه العمليات في احتساب الأموال الجاهزة الصافية بالعملات الأجنبية.
يشرح المصرفي أن بعض المصارف في لبنان (بعضها مصنّف في فئة مصارف «ألفا» التي تزيد ودائعها على ملياري دولار) تقترض من المصارف الأجنبية.
المصارف تستعمل سندات
خزينة بالعملات الأجنبية كضمانات لدى المصارف الأجنبية

وبحسب معطياته، فإن هذه المصارف تستعمل سندات خزينة بالعملات الأجنبية التي تحملها في محافظها كضمانات لدى المصارف الأجنبية وفي الأسواق المالية الدولية لاستلاف ما يوازي 60% من قيمتها وبفائدة تراوح بين 1.5% و2%.
المعروف أن مصارف «ألفا» تحمل اليوم أكثر من 19.2 مليار دولار من السندات بالعملات الاجنبية، منها 79.2% سندات يوروبوندز و20.8% شهادات إيداع، وبالتالي فإن لديها القدرة على اقتراض أكثر من 11.5 مليار دولار بهذه الطريقة، وهي بالفعل اقترضت مئات ملايين الدولارات بهذه الفائدة المتدنية، ثم وظّفت هذه المبالغ في سندات خزينة وشهادات إيداع بفائدة لا تقل عن 6%.
ما يقلق مصرف لبنان اليوم أن المُقرض الخارجي قد يستعمل الضمانات التي وضعتها المصارف لديه، أي إنه قد يطرح السندات اللبنانية في الأسواق العالمية ويعرضها للتداول، وهو ما قد يؤثّر على أسعارها في ظل أوضاع عالمية متقلبة، ما ينعكس سلباً على الدين العام. أو أن الجهة المقرضة قد تصدر أوراق مالية على أساس هذه الضمانات «السيادية» وتعرضها في السوق المحلية وتجعل السندات اللبنانية عرضة لبعض المضاربات في الأسواق العالمية، ما ينعكس على أسعار السندات اللبنانية أيضاً وعلى سعر صرف الليرة مقابل الدولار، فضلاً عن إمكانية بعض مراكز المضاربات العالمية استعمال هذه السندات للمضاربة على أسعار الصرف... ثمة الكثير من الاحتمالات، وخصوصاً أن هناك الكثير من المنتجات اللبنانية المرتبطة بأسعار سندات الخزينة، وكلّها ستكون مكشوفة على هذا الوضع في ظل غياب تصنيف معقول للبنان، يعكس الواقع الفعلي للاقتصاد اللبناني ودرجة المخاطر الحقيقية فيه.