طُرح هذا التساؤل بقوة في الآونة الأخيرة، بعدما وقّع 15 عضواً في المجلس البلدي وثيقةً عرضوها على القوى السياسية في المدينة، اقترحوا فيها أن يُنتخب عضو البلدية عامر الرافعي المحسوب على التيار الأزرق رئيساً للبلدية، بعد أن يقدم غزال استقالته من منصبه، فينتهي الشلل والتخبط والإرباك التي تسود البلدية والمرافق العامة في المدينة.
طُرحت فكرة الوثيقة قبل جولة الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها طرابلس الشهر الماضي، وتفاعلت بعدها، دافعة أعضاء المجلس البلدي إلى السير بها حتى النهاية، بعدما رأوا أن غزال "ترك المدينة وهي منكوبة أكثر من 25 يوماً خلال أقل من شهرين، ليحضر مؤتمرات وندوات في الخارج"، وفق تعبير أحد الأعضاء. أوضحت مصادر الموقعين على الوثيقة لـ"الأخبار" أن "المبادرة طُرحت على مسؤولي تيار المستقبل في طرابلس منذ البداية، باعتبارهم المعنيين الأول بالموضوع، لكونهم من جاء بغزال رئيساً توافقياً ودعمه بقوة في جلسة طرح الثقة به في منتصف ولايته عام 2013؛ ذلك أن الوضع الخدماتي المزري في طرابلس لم يعد يحتمل، فباتت انتقادات المواطنين وحتى شتائمهم تطال ليس غزال فقط، بل الأعضاء والقوى السياسية التي جاءت به ودعمته وأبقته في منصبه".

وأشارت المصادر إلى أن تيار المستقبل الذي "لم يعد قادراً على تغطية غزال ودعمه أكثر، وبات محرجاً به كونه بات يأكل من رصيده، تجاوب من حيث المبدأ مع المبادرة، خصوصاً بعدما أكد له الموقّعون على الوثيقة تعهّدهم بالتوقيع عند كاتب بالعدل وأمام الرأي العام في المدينة على التزامهم بانتخاب الرافعي رئيساً للبلدية". تبع هذه الاتصالات عشاء جمع مستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون الشمال عبد الغني كبارة مع أعضاء بلدية طرابلس الـ15 الموقّعين على الوثيقة، إضافة إلى عضوي البلدية المحسوبين على تيار المستقبل عامر الرافعي وجلال حلواني؛ والأخيران لم يوقّعا على الوثيقة، لكنهما أبديا موافقتهما الضمنية عليها، منتظرين القرار النهائي لمرجعيتهما السياسية.
دعا الأعضاء المشاركون في لقاء العشاء كبارة وتياره إلى أن "يرحموا أنفسهم ويرحموا المدينة، بأن يقبلوا هذه المبادرة لإنقاذ طرابلس من المستنقع الذي وصلت إليه بعد 4 سنوات ونصف السنة من تسلم غزال زمام أمورها"، وفق تعبير أحد الأعضاء الحاضرين. وقد لقي هذا الحراك على ما يبدو تجاوباً وآذاناً صاغية في صفوف التيار الأزرق الذي بات يشيع بين أوساطه وفي طرابلس خاصة احتمال تحقق المبادرة، ورافق ذلك تواصل مع الوزير السابق فيصل كرامي لتأمين موافقته على المبادرة، لكونه شكل مع تيار المستقبل "مظلة الحماية" التي أبقت غزال في منصبه خلال جلسة تجديد الثقة به في منتصف ولايته، حتى اليوم.
تطور الأمور على هذا النحو، خصوصاً بعد انسحاب 9 أعضاء من جلسة البلدية الأخيرة الأسبوع الماضي وتطييرهم نصابها، جعل عدداً من الأعضاء الموقعين على الوثيقة يعاودون القول إن "ما حصل يؤكد أن الخلاف مع غزال ليس سياسياً، بل اعتراض على تقاعسه في أداء مهماته". وأعاد أحد الأعضاء التذكير بالضغط الذي مارسه الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري على الأعضاء من أجل تصويتهم لمصلحة غزال في جلسة طرح الثقة به عام 2013، وقول الحريري لعضو البلدية: "نحن جئنا (بك) عضواً لبلدية طرابلس، وعليك اليوم أن تلتزم بقرارنا"، فردّ عليه عضو البلدية: "لكن أنا من أواجه شتائم الناس في الشارع وليس أنت"! ولفت أعضاء آخرون إلى أن غزال "بات لا يهمه في الآونة الأخيرة سوى السفر وجني الأموال على حساب المدينة"، كاشفين أنه "بعد رفض البلدية الموافقة على سفره الدائم، بات يسافر على حساب اتحاد بلديات الفيحاء الذي يرأسه، وهو يتقاضى حالياً بدلاً مالياً عن كل يوم سفر بين مليون ليرة وألف دولار أميركي"!