تركت صفقة التبادل بين حزب الله ومسلحي المعارضة السورية في جرود القلمون، التي تحرّر على أثرها المقاوم عماد عياد مقابل عنصرين من «الجيش الحر»، سلسلة من ردود الفعل والمواقف، في ظلّ استمرار معاناة العسكريين المختطفين لدى تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» في جرود عرسال، ومعاناة أهلهم. وما يزيد الطين بلّة، هو غياب الأفق وضبابية مصير التفاوض بين الدولة اللبنانية والخاطفين، فضلاً عن التضارب الذي يلفّ مهمة الوسيط القطري السوري أحمد الخطيب.
وعلى إثر إنجاز حزب الله لصفقة التبادل مع المسلحين، أصيب أهالي العسكريين بخيبة الأمل، وهدّدوا بالتصعيد إن لم تتحرّك الدولة. وأشار حسين يوسف والد المخطوف محمد يوسف باسم الأهالي في مؤتمر صحافي في مكان اعتصامهم في رياض الصلح، إلى أن «الصدمة أصابتنا أمس (أول من أمس)، ونحن بحال من الذهول وخيبة الأمل، ووصلنا إلى حالة نفسية سيّئة كثيراً». وأضاف: «اتخذنا قراراً اليوم كأهالٍ، بالتصعيد ابتداءً من صباح يوم الجمعة، وهذه الرسالة نوصلها إلى خلية الأزمة التي ستجتمع اليوم (أمس) لتأخذ قراراً واضحاً وصريحاً ومعلناً لحلّ قضية أبنائنا وإعادتهم بأيّ شكل من الأشكال».
وأكد يوسف أنّ «حزب الله ليس أقوى من الدولة اللبنانية كي تحرّر أسيراً له بسرعة من خلال المفاوضات، وكنا نقول إنّ حزب الله يعرقل المفاوضات وهو ضد مبدأ المقايضة كيف قبل بالمقايضة وحرّر أسيراً؟». وقال: «فلتتحرك الدولة وإلا فنحن كأهالٍ سنفقد السيطرة على أنفسنا وابتداءً من يوم الجمعة سنصعّد والتصعيد سيشمل كلّ مداخل بيروت ولن نخرج من الطرقات حتى تُحلّ القضية». وأضاف: «أقول للشعب اللبناني كلّه لا أحد يلومنا نحن نحذّر وإذا لم يسمعوا تحذيرنا فليلوموا الدولة والذين يتعاطون بملف أبنائنا فهم يتحملون المسؤولية».
ومساءً، عقدت خلية الأزمة الوزارية المكلّفة متابعة ملفّ العسكريين، اجتماعاً في السرايا الحكومية برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام. وأعطى سلام «توجيهاته للمتابعة وفق المعطيات الجديدة، مع ما يتطلبه الأمر من تحفظ عن إعلان الخطوات والإجراءات المتبعة، بما يضمن الوصول إلى النتائج المرجوة».
من جهته، أشار الرئيس نبيه بري خلال لقاء الأربعاء النيابي إلى أن الدولة «تملك أوراق قوة عديدة لإطلاق العسكريين المخطوفين لدى داعش وجبهة النصرة»، مشدداً على «اعتماد السرية في المفاوضات الجارية لهذه الغاية».
في المقابل، هاجمت الأمانة العامة لـ 14 آذار صفقة التبادل، مشيرةً إلى أن «الصفقة تبين وجهاً إضافياً للانتقاص من سلطة الدولة التي يختارها الحزب ليتغطى بها حين يعجز عن تحقيق هدف، ويتخطاها وينفرد حين يتمكن، فيطلق من يسميهم تكفيريين وإرهابيين ويقايض عليهم، وبرغم أنه شريك في الحكومة، يتجاوز خلية الأزمة المعنية في صدد عنصره المعتقل ويمنع الدولة من أي مقايضة ممكنة». وقالت الأمانة إن «جريمة خطف العسكريين هي نتيجة مباشرة لقتال حزب الله في سوريا، فهو مسؤول عن هذه الأزمة ومسؤول عن فرز الأسرى بين أبناء دولة لا يستحقون الحرية وحزبيين يستحقون الحماية».