بعد سنوات على توقيع الحكومة اللبنانية اتفاقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، عُقد في بيروت أمس لقاء هو الأول من نوعه، حضره حقوقيون وبعض العاملين في الحقل العام، خُصص للبحث في سبل وضع أطر عملانية لمواجهة المخاطر التي تمثلها المحكمة. لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً.
لم تبذل المحكمة كبير جهد لإخفاء وظيفتها الحقيقية منذ بدأ قاضي التحقيق الألماني ديتليف ميليس عمله الذي «خالف مسائل أساسية في (أصول) التحقيق الجنائي»، فاتسم عمله بالتغاضي عن تزوير الشهادات وارتكاب التجاوزات، إذ لم تكن الغاية من إجراءاته كشف الحقيقة، «أولى ضحايا المحكمة»، بل الانقضاض على «الأعداء» السياسيين وجر المقاومة إلى استخدام سلاحها في الداخل لتسعير النعرات الطائفية، السلاح «الأفتك والأرخص لتدمير النسيج الاجتماعي»، حسب تعبير داود خير الله، الباحث والأستاذ المحاضر في القانون الدولي في جامعة جورجتاون.
«نحن نريد العدالة، فهي تداوي ولا تفرّق ... ويهمنا معرفة القاتل أكثر من أي أحد آخر»، قال خير الله، داعياً النخب المثقفة الى وعي المخاطر التي تمثلها المحكمة، و«لتوظيف كل الطاقات» في سبيل مواجهتها، فـ«الحاجة للوحدة حيوية، كالأوكسجين» في معركة الدفاع عن وحدة المجتمع وإصلاح المؤسسات الدستورية التي «بدأت تنهار» مذ وقعت جريمة اغتيال الحريري و«حددت وسائل الإعلام المتهمين» لحظة وقوع الجريمة.
لم تصل المحكمة إلى نتيجة لغاية اليوم، رغم إعطائها صلاحيات مطلقة وتمويلاً وتجهيزاً سخيين، ولا إمكانية لمجلس النواب لتعديل اتفاقية المحكمة «لاسترجاع السيادة» التي تخلى عنها أكثر دعاتها صخباً، فيبقى الرهان على توعية الشعب لحقيقة أهداف المحكمة، وبالتالي إفشال أهدافها، يقول خير الله.
(الأخبار)