حسم الرئيس سعد الحريري أمس مسألة الحوار مع حزب الله، معلناً رغبته في حوار جدي، وتركه تفاصيل جدول الأعمال النهائي والمواعيد إلى الوسطاء، أي الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط. واختصر الحريري الحديث عن الحوار بالإشارة إلى أن «لدينا اتهاماتنا لحزب الله ولديه اتهاماته لنا. وما نختلف عليه دوره في سوريا وسلاحه والمحكمة الدولية، سنضعه جانباً، ونسعى إلى تحريك عجلة الحياة العامة في لبنان من خلال التفاهم على انتخابات رئاسية من خلال رئيس توافقي، وعلى الحكومة الجديدة، وإقرار قانون جديد للانتخاب، وإجراء الانتخابات النيابية».
وأشار إلى أنه جاء إلى لبنان في زيارته الأخيرة من أجل موضوع هبة المليار دولار السعودية الأخيرة للجيش اللبناني، و«سأعود إلى لبنان وأعمل من هنا، وهذا الموضوع أقرره أنا، وسيكون قريباً جداً». وحول تأخر هبة الـ3 مليارات السعودية، لفت الحريري إلى أن «هناك هبات من بعض الدول موجودة في أدراج البرلمان اللبناني منذ 9 و10 سنوات، والهبة مشتركة بين 3 دول وتأخذ بعض الوقت، ولقد فتحنا اليوم حساباً بقيمة 400 مليون دولار للقوى الأمنية، وسيكون لدى الجيش خلال سنة 30 طائرة»، موجّهاً الشكر إلى الملك السعودي عبدالله بين عبد العزيز. وعلّق الحريري على الهبة الإيرانية بالقول إن «أهم هبة يمكن أن تعطيها إيران للبنان وللجيش اللبناني أن تقول لحزب الله أن يخرج من سوريا».
ما نختلف عليه سنضعه جانباً ونسعى إلى التفاهم على رئيس توافقي وقانون انتخاب



وأوضح أن المشكلة مع حزب الله هي في دخوله إلى سوريا وفي تسليحه سرايا المقاومة والمحكمة الدولية، ولن يغير موقفه من الموضوع، و«دخول حزب الله إلى سوريا ضرب من الجنون، ولكن حماية البلد أهم من سعد الحريري، ومستعد أن أدفع من أجل المصلحة الوطنية»، مشيراً إلى أنه «لو لم نتفق على حكومة تمام سلام لكان البلد في الفراغ، وهذه هي مصلحة اللبنانيين».
وأكد أنه «مع حوار جدي مع حزب الله لمصلحة البلد، وأنا جدي بطروحاتي»، مشيراً إلى أن «هناك ملفات خلافية، ولكن هناك انتخابات رئاسية وانتخابات مجلس نواب»، لافتاً إلى أن «هناك أجندة للحوار ستتحضر مع حركة أمل وجنبلاط، ونحن ذاهبون كي نتحدث أن الرئيس التوافقي هو الحل، ونحن مع إجراء الانتخابات وإقرار قانون انتخابي، ولا موعد محدداً لهذا الحوار».
ورأى الحريري أن «أهل طرابلس هم أهل الاعتدال» ، ولفت إلى أن «تيار المستقبل تيار عابر للطوائف ولم نحمل السلاح يوماً». وأضاف أن إحدى وظائف الحوار هي «احتواء الاحتقان السني الشيعي وهذا أهم أسبابه»، مشيراً إلى أن «من المبكر جداً الحديث عن لقاء بيني وبين السيد حسن نصرالله».
وأكد أن «النائب ميشال عون مكوّن سياسي موجود في البلد، ونحن تعاونا معه، وقد أوصلنا هذا التعاون إلى إنجازات، ومنها التعيينات التي توقفت لسنين». وسأل: «لكن هل تحدث أحد في الفريق الآخر مع رئيس القوات سمير جعجع مرشح فريق 14 آذار؟». وقال: «نحن مع اتفاق الطائف ولن نزيح عنه»، مشيراً إلى أن «حزب الله اقترح المؤتمر التأسيسي ونحن رفضنا هذا الاقتراح»، لافتاً إلى أن «عون لديه مشكلة مع 14 آذار، وهي سبب عدم وصوله إلى الرئاسة، كما أن هناك خلافاً في 8 آذار على شخصية جعجع، ولا توافق على عون وجعجع، فلنذهب إلى رئيس توافقي».
وأشار إلى أنه التقى البطريرك بشارة الراعي كي يضعه في جو خارطة الطريق، و«هناك أمور نختلف فيها مع الراعي والعكس صحيح». وأكد أن «السعودية لا تضع فيتو على اسم أحد لرئاسة الجمهورية»، مشيراً إلى أنه «نحن مع أي مرشح من 14 آذار يستطيع أن يحصد 75 صوتاً، ولا مانع من انتخاب الرئيس أمين الجميل في حال حصوله على الأصوات اللازمة». ورأى «أننا اخطأنا بعدم حديثنا مع عون في المراحل السابقة، وكان يمكن أن نفتح آفاقاً مختلفة لمصلحة البلد مع عون لو بدأنا بالحوار سابقاً». ورأى أنه «من الواضح أننا نتجه إلى انتخاب رئيس من خارج 8 و14 آذار». وأوضح أن «علاقته الشخصية مع عون ممتازة وأتمنى أن تبقى هكذا، وهناك مصلحة في أن يتعاون التيار الوطني الحر مع تيار المستقبل».
وهاجم الحريري إيران قائلاً إنها «أصبحت شريكاً أساسياً في الحروب الأهلية في المنطقة، وكل هذا مؤقت لأنه لا يوجد خطأ دائم، ولا يمكن فرض شيء على الشعوب، وإيران لا تستطيع السيطرة على الشعوب في المنطقة».
وحول قانون الانتخاب، أكد «أننا ماضون في قانون الانتخاب الذي اتفقنا فيه مع القوات والحزب الاشتراكي، ولست موافقاً على اقتراح النائب علي بزي».
وأكد الحريري أنه «ضد التنسيق مع النظام السوري، ويجب أن نتعاون مع التحالف الدولي الذي يقف ضد داعش». وأشار إلى «دعم الحكومة في أي قرار تأخذه في موضوع العسكريين المخطوفين، ومستعد أن أغطي أي قرار يتخذ في الحكومة، وعلى الدولة أن تأخذ قراراً شجاعاً في ملف العسكريين المخطوفين». ودعا إلى «إلقاء القبض على شادي المولوي وغيره من المطلوبين، ومن تواطأ في تهريبهم يجب أن يدفع الثمن، وأريد أن أسأل من كان يدعم هؤلاء ومن نقل المطلوبين بسيارته، وأكبر خطأ وصول المولوي إلى عين الحلوة».
بري
وقبل ساعات على لقاء الحريري، أمل بري أن يبدأ الحوار قبل نهاية السنة الجارية، متوقعاً أن يزوّده الطرفان المعنيان مسودتي جدول أعمال ما يرتئيانه، على أن يستخلص هو منهما جدول أعمال يتناول القواسم المشتركة.
وأضاف أمام زواره أمس: «كنت أريد الإبقاء على المسعى سرياً، لكن ما إن كشف عنه حتى بدأ العمل على تخريبه بوضع شروط في طريقه». وأكد أن «ثمة ملفات يمكن التفاهم عليها، فلِمَ لا يجري الحوار عليها ومناقشة المواضيع التي يسهل التوصل إلى تفاهم عليها؟ بيني وبين التيار الوطني الحر ملفات نختلف عليها، فهل انقطع التواصل معه؟ كذلك الأمر بين حزب الله وتيار المستقبل، يقتضي معاودة التواصل أياً تكن الملفات المختلف عليها».
وأبدى استعداده لاستضافة الحوار في عين التينة أو في مجلس النواب إذا ارتضى الطرفان «أو فليختارا المكان الذي يريدان. المهم بدء الحوار بينهما». وأوضح أن مستوى المتحاورين سيكون «ممن هم الاقرب إلى السيد حسن نصرالله والرئيس الحريري، لأن من المتعذر في ظل الظروف الحاضرة جمع الرجلين، فيتحاور من هما على اتصال وثيق ومباشر بهما لمراجعتهما في ما قد يناقشانه». وفي السياق، أشارت مصادر 8 آذار لـ«الأخبار» إلى أن حزب الله سمّى المعاون السياسي لحزب الله حسين الخليل ليكون ممثل الحزب في الحوار، ومن المتوقّع أن يسمي الحريري مدير مكتبه نادر الحريري ليكون ممثله.