وصل المطلوب شادي المولوي الى مخيم عين الحلوة أخيراً، وحلّ ضيفاً على إسلامييه، من باب «نصرة المظلوم»، كما قال أحد علماء المخيم. المعلومات تشير الى أنه يقطن في التعمير، حيث يصعب الوصول إليه بسبب السيطرة الكاملة للقوى الإسلامية المتطرفة على هذه المنطقة، إذ إن تعمير عين الحلوة منطقة ملاصقة للمخيم وليست تابعة له إدارياً أو أمنياً، ما يحول دون دخول القوى الأمنية الفلسطينية إليها.
في هذه المنطقة وجد فضل شاكر، أيضاً، ملاذاً آمناً، بين قياديين من «كتائب عبد الله عزام»، وبقايا مجموعات «فتح الإسلام» و«جند الشام» التي توحّدت تحت تسمية «الشباب المسلم». في الجهة الشمالية للتعمير، يقع حاجز للجيش اللبناني غالباً ما يستهدفه المسلحون الإسلاميون لدى وقوع أي حدث أمني. خلال أحداث عبرا بين الجيش وجماعة الشيخ الفارّ أحمد الأسير، هاجم مسلحون الحاجز بالقنابل وردّ الجيش على مصادر النار. ومنعاً لتفاقم الوضع، انتشرت قوى إسلامية أساسها عناصر من «عصبة الأنصار» للفصل بين الطرفين، وهي لا تزال في مواقعها حتى اليوم. وقد أثبتت خلال أحداث طرابلس الأخيرة قدرتها على ضبط الوضع ومنع استهداف الجيش.
شكّلت منطقة التعمير ملاذاً آمناً للمجموعات الإسلامية التي اتسعت سيطرتها الى بعض الأحياء داخل المخيم، بسبب تراجع دور منظمة التحرير الفلسطينية وضعف منظومتها العسكرية. وفي الأشهر الماضية، توسّع نفوذ «الشباب المسلم»، وأصبحت مربعاتهم العسكرية متداخلة مع مربعات حركة فتح ومحمود عيسى «اللينو». ووصل نفوذ المتشددين الى حد تشكيل جزر أمنية داخل مربعات منظمة التحرير نفسها. هذا التداخل يجعل من المخيم برميل بارود قابلاً للانفجار في أي لحظة. مصادر أمنية فلسطينية تتوقّع، نتيجة الاحتقان الحالي، «عودة موجة الاغتيالات، وخصوصاً مع تثبيت الإسلاميين مربعاتهم، وبسبب حرية الحركة التي يحظى بها بعضهم داخل مربعات المنظمة نفسها». ولفتت الى أن الحملة قد تستهدف «ضباطاً كباراً في حركة فتح معروفين بوسطيتهم وبعلاقتهم الجيدة مع بعض القوى الإسلامية في المخيم، اضافة الى بعض الإسلاميين المتهمين بالردّة». وأشارت الى «اعتقال بعض الذين كانوا يراقبون حركة ضباطنا. وقد طُلب من المستهدفين تغيير نمط تحركاتهم ومواعيدهم لأن استهدافهم سيكون مؤثراً على فتح».
تسيطر الفصائل المتشددة في عين الحلوة على ما يقارب «20 بالمئة من مساحة المخيم، ما يعني أن 20 ألف فلسطيني يعيشون تحت رحمتهم»، بحسب ما يؤكّد مسؤول أمني فلسطيني لـ«الأخبار»، مشيراً الى أن عدد المسلحين المتطرفين المعروفين يصل الى «300 عنصر». وتدرك هذه الفصائل أنها إذا دخلت في أي مواجهة مع الجيش اللبناني فستكون المسؤولة عن تهجير هؤلاء. كما تدرك القيادات الفلسطينية خطورة مثل هذا الوضع. لذلك تعمل على إقناع المتشددين بـ«عدم تكرار مأساتي مخيمي البارد واليرموك في عين الحلوة». وتشير الى أن أغلب القيادات المتشددة، مثل أسامة الشهابي أمير «جبهة النصرة» في المخيم، وعابد المصري أمير «كتائب عبد الله عزام»، مقتنعون بعدم جدوى استهداف الجيش من المخيم «لأن المخيم بالنسبة إليهم ملجأهم الأخير، ولا يوجد مكان آخر لاستقبالهم». أما الخطر الأكبر فيأتي من «السوريين النازحين غير المعروفين والذين لا يمكن رصد تحركاتهم أو معرفة انتماءاتهم».
ومع استبعاد احتمال استهداف الجيش اللبناني، تعرب القيادات الأمنية الفلسطينية عن خشيتها من عمل الجماعات الإسلامية على خطّين: الأول، اندلاع مواجهة داخل المخيم «بهدف توسيع سيطرة الإسلاميين على أحياء إضافية»، والثاني إمكان جعل المخيم قاعدة لهجمات إرهابية قد تستهدف مصالح أجنبية في لبنان، مشيرة الى أنه سُجّل في الآونة الأخيرة تكثيف التواصل بين «جبهة النصرة» في المخيم، بقيادة «أميرها السياسي والديني في لبنان» أسامة الشهابي الذي استقبل قبل فترة «مبعوثاً عراقياً من داعش» لتنسيق الجهود، «كما زارت المخيم قيادات سلامية سورية ويمنية».