سجّلت الصادرات اللبنانية تراجعاً بنسبة 18.6% منذ مطلع السنة الجارية حتى نهاية تشرين الأول، فيما سجّلت الواردات تراجعاً أقل نسبته 1.2%. وقد انعكست هذه النتائج زيادة في عجز الميزان التجاري ليبلغ 14660 مليون دولار مقارنة مع 14230 مليوناً في الفترة نفسها من السنة الماضية و11225 مليوناً في نهاية تشرين الأول 2010، أي إن العجز زاد بقيمة 3435 مليون دولار خلال أربع سنوات بسبب ارتفاع الواردات بقيمة 2779 مليون دولار، وانخفاض الصادرات بقيمة 656 مليون دولار.
وتشير إحصاءات الجمارك اللبنانية إلى أن المنتجات المعدنية استحوذت على الحصّة الأكبر من الواردات في نهاية تشرين الأول 2014 بنسبة 24% وتلتها المعدات الكهربائية بنسبة 11% والمنتجات الكيميائية بنسبة 10% ومنتجات الأغذية بنسبة 7% والمعادن العادية بنسبة 7%. أما على صعيد الصادرات، فقد استحوذت صادرات اللؤلؤ والأحجار الكريمة على الحصة الأكبر بنسبة 17%، وتلتها منتجات الأغذية بنسبة 15%، والمعدات الكهربائية بنسبة 13%، ثم المنتجات الكميائية بنسبة 12% والمعادن العادية بنسبة 12%.
خصّصت المصانع كميات أكبر للسوق المحلية بسبب
توافر التمويل

لم تشهد بنية الواردات وتوزّعها الكمي على القطاعات أي تغيّر خلال السنوات الماضية، خلافاً لما حصل بالنسبة إلى بنية الصادرات التي بدأت تتكيّف مع التغيّرات الطارئة على النشاط الاستهلاكي، ولا سيما أن هذا النشاط طال بعض القطاعات من دون غيرها. فعلى سبيل المثال، كانت المنتجات المعدنية هي الأكثر استيراداً بين عامي 2009 و2014، واستمرّت المعدات الكهربائية في احتلال المرتبة الثانية ضمن الواردات. وفي هذه الفترة تداولت المنتجات الكيميائية ومنتجات الأغذية والمعادن العادية على المراتب الباقية بفروقات طفيفة في ما بينها، بما يعكس التذبذبات التي أصابت السوق المحلية. أما بالنسبة إلى الصادرات، فإنه رغم التراجع الكمّي المسجّل في مجمل قيمتها، فإن منتجات الأغذية وصناعة الكرتون والورق والصناعات الكيميائية شهدت تحسناً ملحوظاً، إذ كانت حصّة منتجات الأغذية تبلغ 8% في عام 2009، ثم ارتفعت إلى 12% في عام 2013 وبلغت 15% في عام 2014. كذلك، ارتفعت حصّة المنتجات الكيميائية من 7% في عام 2009 إلى 12% في عام 2014، وانخفضت حصّة اللؤلؤ والأحجار الكريمة من 31% في عام 2009 إلى 17% في عام 2014.
هذه النتائج تعكس أمرين؛ الأول يتعلق بتداعيات الأزمة السورية على النشاط الاقتصادي في لبنان بأكثر من شكل. فمن جهة نزحت إلى لبنان أعداد كبيرة من السوريين الهاربين من المعارك الدائرة في بلدهم، فزادت معدلات الاستهلاك المحلي مع ارتفاع الأعداد إلى أكثر من 1.5 مليون نازح، أي ما يوازي زيادة بنسبة 36.5% على عدد سكان لبنان، وبالتالي خصّصت المصانع كميات أكبر للسوق المحلية بدلاً من تصديرها، ولا سيما في ظل وجود تمويل لهذا الطلب الإضافي. وفي الوقت نفسه، انعكست الزيادة سلباً على منتجات مستوردة لا تصنّف أساسية وضرورية أو أنها سلع ضرورية لكنها غالية الثمن.
ومن جهة ثانية، أضعفت الأزمة القدرات الإنتاجية المحلية بسبب الضغوط التي سببتها على قنوات تصريف الإنتاج بسبب كون سوريا المعبر البرّي الوحيد للبنان الى دول الخليج التي تمثّل مقصداً أساسياً للصادرات اللبنانية.
وفي المجمل، فإن نتائج الصادرات تعكس ضعفاً غير فعلي في نظم الإنتاج المحلية، وهو ناجم عن خلط إحصاءات الجمارك بين الخردة والصادرات الصناعية السلعية ذات القيمة المضافة. فعندما تتراجع قيمة صادرات الخردة من ألماس وذهب وحديد ونحاس، تظهر الإحصاءات تراجعاً غير حقيقي، رغم تحسّن الإنتاج المحلي وتخصيصه كميات أكبر للسوق المحلية.