باريس | في اليوم الاول لزيارته الرسمية للعاصمة الفرنسية، حدد الرئيس تمام سلام خطة حكومته في مواجهة الارهاب، بتأكيد المضي في مواجهته والاصرار على تحقيق الاستقرار وتسليح الجيش واستيعاب تداعيات النزوح السوري. الا انه احل انتخاب الرئيس في مرتبة اولى لأي تحرك، معولاً على دور باريس وعلى ما يعتزم ان يخوض مع الرئيس فرنسوا هولاند فيه في لقائهما غداً الجمعة، بالتشديد على اجراء الاستحقاق في اسرع وقت.
استهل سلام محادثاته في العاصمة الفرنسية بلقاء رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه في مبنى المجلس، توجّه بعد ذلك الى الجمعية الوطنية واجتمع بأعضاء لجنة الشؤون الخارجية الذين رغبوا اليه في طرح اسئلة لم تقتصر على الملفات اللبنانية، بل طاولت أزمات المنطقة والارهاب ومواقف لبنان منها.
استهّلت رئيسة اللجنة اليزابيت غيجو مرحّبة بسلام، ومشيرة الى ان لبنان مهدد بالازمات الاقليمية التي مر بها عام 2014، وخصوصا الازمتين العراقية والسورية. ولاحظت ان اولوية حكومة سلام مواجهة الارهاب في الشمال والبقاع. وتحدثت عن الآثار الانسانية والاجتماعية والامنية الناجمة عن النازحين السوريين الذي بلغ عددهم ربع سكان لبنان. وتطرقت الى الحرب السورية، مبدية اسفها لتعثر الانتقال السياسي الذي اعدت له تسوية جنيف، متسائلة هل انتهت تسوية جنيف؟
بعد ذلك قدم سلام مداخلة عن الوضع في لبنان وتداعيات الازمات الاقليمية عليه، قبل ان تفتح غيجو باب طرح اسئلة اعضاء لجنة الشؤون الخارجية على رئيس الحكومة اللبنانية وتمحورت حول:
ـ هل ثمة امل في طاولة مستديرة تنهي الحرب السورية يجتمع حولها ايران والسعودية وتركيا وسواهم؟
ـ انعكاسات ملف النازحين على الوضعين الاجتماعي والاقتصادي في لبنان وتأثيره على النظام السياسي؟
ـ أي دور يمكن ان يلعبه الرئيس سعد الحريري في الحياة السياسية؟
ـ ماذا عن تدخل حزب الله في الصراع السوري؟
ـ اي قلق يمكن ان ينجم عن انسحاب القوة الدولية من جنوب لبنان؟
ـ ما هو مصير الميثاق الوطني في لبنان واتفاق الطائف؟
ـ هل الظروف مؤاتية لالغاء الطائفية السياسية؟
جوجل سلام الاسئلة تلك وأجاب عنها، عارضا الصعوبات التي واجهتها حكومته في الاشهر الـ11 التي سبقت تأليفها، وقال انها عملت على استتباب الامن وملء الشغور في الادارات الى ان حدث الشغور الرئاسي الذي ادى الى شل مجلس النواب واضعاف دور الحكومة وقيامها بمهماتها.
وقال: «نعم حتى الآن لم ننجح تماما. الا ان انتخاب رئيس الجمهورية هو الاستحقاق الدائم في كل حين. لدينا نظام ديموقراطي يسمح لنا ببعض الضعف، لكنه لا يجيز لنا اسقاط البلد. اتفاق الطائف لم يطبق تماما حتى الآن، ولكنه يستمر، ولا بديل منه. انا متفائل وآمل في انتخاب الرئيس لان الافرقاء اللبنانيين بدأوا يشعرون بالقلق الناجم عن الشغور. عرف لبنان 13 رئيسا للجمهورية منذ الاستقلال، وكان لانتخابهم جميعا تأثير من الخارج بنسب متفاوتة. لذلك نحتاج الى مَن يساعدنا على انجاز هذا الاستحقاق. التعايش الوطني سيستمر بقوة رغم المشكلات التي نواجهها».
قال ايضا: «النازحون السوريون يلقون بثقلهم على الوضع اللبناني، لكنهم سيعودون الى مناطقهم وقراهم داخل سوريا عندما تستقر الحال هناك. حتى ذلك الوقت سيبقون في لبنان سنة او اثنتين. لاجل ذلك نريد مؤازرة المجتمع الدولي لنا على جبه اعباء النزوح السوري. على مستوى الامن الداخلي الاستقرار مستتب في الداخل بعد حملة الجيش في طرابلس، وتنفيذ خطة امنية ضربت الارهابيين، وأعدنا الاستقرار الى المدينة. اللبنانيون جميعا ملتفون ضد الارهاب وموحدون مع الجيش، الا ان تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة» يعتدون على لبنان من الخارج، وآخر الفصول خطف العسكريين. هناك قرار بمواجهة الارهاب، والهبة السعودية ستدعم الجيش في حربه على الارهاب، الا ان الامر يحتاج الى بعض الوقت. حصلنا من الاميركيين على صواريخ للطوافات ونريد المزيد منها لضرب الارهاب. الجيش اللبناني اليوم من 80 الف عسكري لكن مهماته كثيرة، واعتداءات الارهابيين تكاد تكون يومية، وقتلوا اخيرا عسكريا ويهددون بقتل آخرين ان لم نطلق ارهابيين من سجوننا. الارهابيون يتلاعبون بأعصاب اهالي الاسرى. لم يكتفوا بجعلهم رهائن، بل جعلوا البلد كله رهينة».
وأوضح ان لبنان «لم يقفل حدوده مع سوريا. كان في الماضي تدفق عمال سوريين للعمل في لبنان، وكنا قادرين على استيعاب اعدادهم. اليوم النازحون السوريون يقاسموننا كل شيء في بنانا، في المياه والكهرباء والخبز وكل قدرات البلاد، ما يجعلنا غير قادرين على استقبال المزيد منهم. هناك مليون ونصف مليون سوري يوازون ربع السكان. نريد من فرنسا تعزيز مساعدتها لنا لجبه هذا الملف».
وقال: «لا بد من وضع حد للحرب في سوريا وانهاء الارهاب والتطرف. لكن ذلك لا يتحقق الا بتعزيز خط الاعتدال وبالسلام في الصراع العربي ـ الاسرائيلي واعطاء الشعب الفلسطيني دولته. هناك تحرك دولي ضد داعش في العراق وسوريا، الا ان العمل الجوي لا يكفي ويقتضي ان يقترن بعمل على الارض».
عن مشاركة حزب الله في الحرب السورية، قال سلام للنواب الفرنسيين: «نعم انه هناك دائما، وذلك لا يساعد لبنان كثيرا. كنا قد قررنا في الحكومة اعتماد سياسة النأي بالنفس عما يجري في سوريا. لكن تبين ان هناك فرقا بين ما قررناه وما يجري على الارض». وتحدث عن الحوار المزمع اجراؤه بين الحريري وحزب الله لتبديد التوتر المذهبي واشاعة مناخات ايجابية في البلاد. الا انه لاحظ ان الغاء الطائفية السياسية «غير ممكن في الظروف الحالية في البلاد».