خيّبت هذه العوامل آمال المزارعين البقاعيين بإمكانية التعويض عن خسارتهم الكبيرة في موسم «البكّيرة» في حزيران الفائت، مع ارتفاع كلفة الري نتيجة شح المياه. يعاني الخسارة اليوم كل مزارعي البطاطا اللقّيسة، «ففي كل عملية قلع لـ10 دونمات بطاطا خسارة بقيمة خمسة ملايين ليرة»، يقول المزارع محمد حمية لـ»الأخبار». ببساطة، يشرح حمية أن سعر كيلو البطاطا «بأرضه عند القلع» لا يزيد على 350 ليرة، في حين أن كلفته «مش أقل من 500 ليرة»، وما بين الإنتاج والسعر المتدني «خياران لا ثالث لهما، إما التاجر الذي يتدلل لشراء إنتاجك بالسعر الذي يناسبه، وإما التخزين بالبرادات، ما يعني كلفة إضافية، في حين صار الوقت ضيق جداً قبل دخول البطاطا المصرية إلى السوق اللبنانية أول العام المقبل».
بدأ قلع موسم البطاطا اللقيسة منذ بداية شهر تشرين الثاني الفائت، وشهد تعثراً بسبب المشاكل الحدودية، ومنها «بعض التدابير التي اتخذتها الحكومة الأردنية، والتي عرقلت إدخال الشاحنات المحملة بالبطاطا اللبنانية إلى أراضيها، في طريقها إلى دول الخليج العربي، فضلاً عن منع السلطات السورية دخول الإنتاج اللبناني إلى أراضيها»، حسب ما يشرح إبراهيم الترشيشي رئيس تجمع مزارعي البقاع لـ«الأخبار». منذ أيام قليلة، عادت حركة التصدير إلى سوريا بعد نجاح الاجتماعات التي جرت بين النقابات الزراعية اللبنانية ووزراء من الحكومة السورية، حيث لفت الترشيشي إلى أن السوق السورية تساهم في تصريف «ما يقارب 25 ألف طن من إنتاج البطاطا اللبنانية».
وفي ما خص التصدير إلى السوق الأردنية، يؤكد الترشيشي أن «لقاءات عقدت مع وفود أردنية تميّزت بالإيجابية» تجاه إعادة الاستيراد من لبنان، «إلا أنها علقت (الاستيراد) إلى حين عودة الوفد إلى لبنان الشهر المقبل بقصد إجراء بعض التعديلات على الاتفاقيات الزراعية بين البلدين، التي مضى عليها ما يقارب 5 سنوات، فيما المزارع البقاعي يعاني ضيق الوقت في تصريف إنتاجه مع دخول البطاطا المصرية السوق اللبنانية بداية شهر كانون الثاني من العام الجديد».
على وزارة النقل وضع
حدّ لعار التصاريح


مشاكل أخرى تفرض نفسها على المصدرين البقاعيين في تصريف إنتاجهم من البطاطا، تتمثل بحسب الترشيشي «في تحكم أصحاب السيارات المبردة بأسعار النقل، والمنافسة الخارجية في بعض دول الخليج العربي»، ذلك أن سائقي شاحنات النقل المبردة ذات اللوحات الأجنبية، التي تُمنح «تصاريح» خاصة، «يفرضون أسعاراً جائرة وغير واقعية» على التجار المصدّرين إلى سوريا والأردن ودول الخليج، فوصل أجر الشاحنة المبردة لكل طن بطاطا إلى 100 دولار إلى سوريا، و200 دولار إلى الأردن، و300 دولار إلى دول الخليج. «بعمرها ما صارت» أن يصل أجر نقل حمولة بطاطا إلى الأردن إلى 4 آلاف دولار، أو 3 آلاف دولار إلى سوريا»، يقول ترشيشي، سائلاً عن كيفية المنافسة مع هذه الكلفة، في حين تصل البطاطا الهولندية أو البلجيكية إلى دول الخليج «خالصة مخلصة» بـ250 دولاراً للطن، «على الرغم من أن نوعيتها لا تقارن بنوعية البطاطا اللبنانية».
إزاء هذا الواقع، يرى الترشيشي أن «على وزارة النقل والأشغال العامة أن تتعاون مع المصدرين وتضع حداً لعار التصاريح التي أصبحت كصكوك الدخول إلى الجنة، فالأسعار لا تتماشى مع حال القطاع، ما سيترك أثراً كبيراً على واقع المزارعين في البقاع». في المقابل، في ظل تدني السعر المفروض على مزارعي البطاطا، يُفرض على المستهلك اللبناني سعراً لكيلو البطاطا في سائر المحال التجارية لا يقل متوسطه عن 1250 ليرة!