خرج اسم جعفر الشهّال إلى الضوء في تشرين الثاني العام الماضي. يومها ظهر «المجاهد الصاعد» في مقابلة تلفزيونية بعد عودته من سوريا، كاشفاً أنّه وصل إليها عبر تركيا. وهناك قاتل إلى جانب مسلّحي المعارضة السورية في حلب وريف حمص. لم يكن الشهّال الشاب الوحيد الذي التحق بركب الرحلات الجهادية التي انطلقت نحو أرض الشام، لكن كونه ابن الشيخ داعي الإسلام الشهّال، المعروف بمواقفه المتشددة إعلامياً، برغم افتقاره إلى أي حيثية شعبية أو عسكرية، جعل منه حدثاً في دائرة الضوء.
لم تلبث أخباره أن خفتت قبل أن تعود مجدداً بعد انتشار تسجيل صوتي نُسب إليه، يُهدد فيه استخبارات الجيش في الشمال بعد توقيف شقيقه زيد. لم يُسمع عن الجهادي الطرابلسي خبر بعدها، برغم أنّه كان صديقاً مقرّباً لأسامة منصور، المعروف بـ «أبو عمر منصور»، أحد أبرز قادة المحاور المتشددين في باب التبّانة.
بالتأكيد، لا يُشبه جعفر الشهّال والده. نجل مؤسس التيار السلفي أكثر التزاماً بالمنهج الجهادي، فعلاً، لا قولاً فحسب، لكن لم يُرصد له أي دور في الأحداث الأمنية الدائرة على أرض لبنان. يرتبط الشاب العشريني أيديولوجياً بتنظيم «جبهة النصرة»، لكن ذلك لم يدفعه إلى قطع صداقاته بقيادات وعناصر تنظيم «الدولة الإسلامية». الشهّال من دعاة توحيد الصف الجهادي بين «النصرة» و«الدولة»، ولا يؤمن بشعار الرجل القوي في «الدولة» أبو علي الأنباري، القائل ردّاً على سؤال حول أُفق الصراع مع توأمه الجهادي: «إمّا نبيدهم أو يُبيدوننا». وبرغم المعلومات الأمنية التي تحدثت عن مبايعته أمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلّة، فإن الشهّال لم يلتقه يوماً. خلال الأحداث الأمنية التي شهدتها طرابلس، التزم الشّهال منزله. خفّف كثيراً من تحركاته بعد معرفته عبر أحد أصدقائه أنّه بات مطلوباً. حال جعفر من حال الكثيرين من شباب طرابلس، يأخذ على وسائل الإعلام «شيطنتها» مدينته. في معظم اللقاءات التي جرت معه، كان يتحدث عن «تضخيم غير مبرّر لما يجري من أحداث في طرابلس». يؤمن كالعديد من رفاقه بأنهم أبناء «الطائفة المظلومة». يوافق على مقولة أنّ «السلفي يُسمَّن ليُذبح»، ويعتقد بأن مهمة التسمين هذه تضطلع بها الاستخبارات. لا يلقي باللائمة على أبناء باقي الطوائف إنما على أبناء طائفته نفسها. ويضحك كثيراً عندما تصفه بـ«الإرهابي».
برغم الرحلات الجهادية المتعددة التي قام بها إلى سوريا، فإنّ جعفر لا يُقارن بالجهاديين في تشددهم. لا يمكن عارفيه أن يصدّقوا أنه قد يكون إرهابياً، برغم بعض الصور والشعارات التي يضعها أحياناً على صفحته الفايسبوكية. ليس إلغائياً بالمطلق، إنما تجده أكثر انفتاحاً. تربطه علاقات صداقات بأشخاص من كل الطوائف. حتى خطيبته التي كان منهمكاً بالإعداد لزواجه بها خلال شهرين ليست ملتزمة دينياً ولا محجّبة. كان جعفر يحلم بأن يكون رياضياً محترفاً. يحب كرة القدم كثيراً، وقد حاول غير مرة السفر إلى الخارج لاحترافها، لكنه لم يوفّق في الحصول على التأشيرة بسبب شبهة الإرهاب التي تطبع والده. ولعه بالرياضة وعدم التزامه عملا ثابتا، دفعا به إلى تمرير الوقت بممارسة رياضة كمال الأجسام. منذ يومين، أوقف جعفر عند حاجز للجيش في منطقة الزاهرية، لكن لم تُعرف بعد التهمة الموجهة إليه.