هل تنطلق مجدداً المفاوضات «العلنية» بين الحكومة اللبنانية وخاطفي العسكريين في جرود عرسال المحتلة؟ التواصل لا يزال مستمراً، لكن عبر قنوات لا يقر الطرفان بوجودها، كمثل تواصل ضباط من اجهزة امنية مع بعض مسؤولي المجموعات الخاطفة. وفيما لم تنطلق رسمياً بعد المفاوضات بين الحكومة وتنظيم «داعش» عبر نائب رئيس بلدية عرسال احمد الفليطي، ذكرت مصادر امنية لـ «الاخبار» أن وسطاء في صدد لقاء «أمير جبهة النصرة» في القلمون المدعو «أبو مالك التلّيّ» في اليومين المقبلين.
وكشفت المصادر أن الوسطاء تلقوا وعوداً بتسلم جثة الشهيد محمد حمية الذي أعدمته «جبهة النصرة» في وقت سابق. وأشارت المعلومات إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق مدخل لإعادة إحياء المفاوضات المعلقة بين «النصرة» والجانب اللبناني.
الى ذلك، وبعد البرودة التي سادت علاقة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بحزب الله، إثر الزيارة التي قام بها الأول لفلسطين المحتلة الصيف الماضي، برز أمس موقف لافت أطلقه البطريرك خلال جولة في منطقة البقاع بهدف تقديم واجب العزاء لعائلات الشهداء الذين قتلتهم الجماعات الإرهابية التي تخطف العسكريين في جرود عرسال المحتلة، (آل حمية والبزال ومدلج).
البطريرك الماروني
يدعو من البقاع إلى حماية المقاومة!



فخلال زيارته لمنزل الجندي الشهيد عباس مدلج، قال إن «استشهاد عباس خسارة كبيرة، وخاصة أنه شهيد في الجيش ووالده في المقاومة. من هنا جئت لأحيي الجيش اللبناني والمقاومة»، داعياً إلى حماية الجيش والمقاومة. وكان الراعي قد استهل جولته في منطقة البقاع بزيارة عائلة الشهيد محمد معروف حمية في سهل طليا حيث عبّر عن تقديره لـ»موقف معروف حمية باستشهاد ولده المرحوم الشهيد محمد». كذلك قصد بلدة البزالية، ومنها حيّا «العسكريين المأسورين في جرود عرسال على وجعهم وخوفهم، ونطلب منهم ومن عائلاتهم الصبر ومن الله حمايتهم». واختتم الراعي جولته بقداس في كنيسة مار نهرا في بلدة بتدعي عن روحَي صبحي ونديمة الفخري. وندد الراعي بالنافذين السياسيين الذين ربما يغطّون الجريمة ومرتكبيها، وناشد آل جعفر تسليم القتلة، لكي ينفتح أمامهم باب المصالحة.
وفيما تمضي الأطراف السياسية قدماً في إجراء حوارات ثنائية، للوصول إلى تفاهم شامل يتضمّن الملف الرئاسي، لا يزال التنسيق بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية قائماً لعقد لقاء بين رئيس تكتّل التغيير والإصلاح ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. ومع أن كل التوقعات تشُير إلى إمكانية عقده في الأسبوع الأول من العام الجديد، علمت «الأخبار» أن أي موعد للقاء لم يتحدّد بعد، وأن الطرفين لا يزالان يتواصلان عبر قناة الاتصال الوحيدة بينهما، أي النائب إبراهيم كنعان ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات ملحم رياشي. ومن المقرر أن يلتقي كنعان ورياشي بعد عيد رأس السنة لمواصلة البحث في المواضيع التي بدأ النقاش حولها منذ أسابيع، على أن يتحدد موعد لقاء عون وجعجع وفقاً لتقدم المناقشات وإنتاجيتها حتى لا يأتي فولكلورياً، بحسب رغبة الطرفين.
وفي هذا الصدد، رأى نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أن «حوار حزب الله وتيار المستقبل مفيد للبنان، لأنه يقرّب وجهات النظر في معالجة بعض القضايا». ورأى أن «وضع لبنان لا يستقيم إلا بالتوافق، ولا يمكن لأي فريق أن يأخذ حصته وحصة غيره». ودعا إلى « تفعيل المؤسسات وإنجاز الإستحقاق الرئاسي، فمعالم الحلول واضحة، وخير لنا أن نقبل بالحل اليوم من أن نقبله هو نفسه بعد سنة أو سنتين لأن الأمور واضحة، وبالتأكيد هي تحتاج إلى تضحيات من البعض، وعلى الجميع أن يضحوا من أجل إنجاز الاستحقاقات بشكلها المناسب والصحيح».

علي عمّار وآخرون

وبالنسبة إلى ما نشرته صحيفة «السفير» السبت الماضي عن إمكانية استدعاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لأحد نواب «حزب الله»، للاستماع إلى شهادته، بعدما رصد اتصال بينه وبين أحد المتهمين الخمسة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، علمت «الأخبار» أن النائب المقصود بالخبر هو النائب علي عمار، علماً بأن لوائح الاتصالات التي استند إليها المدعي العام في قضية الحريري تتضمن اتصالات بين أرقام الهواتف التي ينسبها الادعاء العام إلى أحد المتهمين وبين عدد من مسؤولي حزب الله ونوابه الحاليين والسابقين. وطُرح خلال اليومين الماضيين في الصالونات السياسية أكثر من سؤال عن تأثير ما نُشِر على الحوار الذي انطلق بين تيار المستقبل وحزب الله. وتوقّعت مصادر في فريق الرابع عشر من آذار أن «يستأنف الحزب وجمهوره حملته على المحكمة في حال كانت المعلومات المسرّبة صحيحة»، فيما بدت مصادر مستقبلية بارزة أكثر هدوءاً وواقعية في معرض حديثها عن الخبر، مؤكدّة أن «الخبر وإن صحّ فإنه لن يؤثّر سلباً على الحوار الذي بدأه الطرفان ولا مصلحة لأحد منهما في إيقافه». ورأت المصادر «أن لا مصلحة لحزب الله في فتح معركة جديدة تهزّ الاستقرار، فرغبته في التهدئة تمنعه من الذهاب الى اشتباك سياسي مع المستقبل تحت عنوان المحكمة الدولية، بل هدفه الأول استكمال الحوار الذي يسمح له بتحقيق ما يريده، وهو هدنات متقطّعة تتيح له تركيز الوضع الذي يسعى إليه».
في سياق آخر، نفى عضو المكتب السياسي في «حزب الله» غالب أبو زينب أن يكون قد استقال من الحزب. وأوضح أنه استقال من مهماته في التواصل مع «القوى المسيحية»، وأنه لم يستقل من حزب الله. وأكد في حديث إلى تلفزيون «الجديد» أنه لا يزال في «المسيرة الجهادية تحت توجهات الامين العام السيد حسن نصر الله». وعلمت «الأخبار» أن استقالة أبو زينب أتت بسبب ما رآه «تداخلاً في الصلاحيات وآليات التواصل مع القوى التي يفترض أن يكون مسؤولاً عن التواصل معها».