نادين موسى
عدا عن كونها المرأة الوحيدة التي قدمت ترشيحها لانتخابات رئاسة الجمهورية، سيحسب لها أيضاً أنها الوحيدة التي تطرقت لمصطلحات غريبة كلّياً في برامج المرشحين الانتخابية. فهل صادفتم مثلاً في برامج المرشحين بنداً يتحدث عن «العدالة الاجتماعية»؟ أو «حقوق الإنسان»؟ أو «توزيع ثروات الدولة على المواطنين، من خلال تأمين معاش شهري لكل عائلة»؟ قطعاً لا. لا يمكن أن يكون هذا الشيء... اللهم إلا في برنامج نادين موسى. هذه الشابة، التي ولدت وعاشت في أميركا، صاغت برنامجها الانتخابي بـ»أفلاطونية» مفرطة. وربما، لهذا الأمر لن تصل إلى ذاك الكرسي. ولكن، بالتأكيد سيحسب لها أنها فكرت كمواطنة وليس كباحثة عن منصب سياسي.

علي برّو

عندما قرّر علي برّو ـ الموظف في وزارة الزراعة ـ الإضراب عن الطعام احتجاجاً على عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب، لم يجد من يسانده في جوعه. بقي هناك، عند أسفل تمثال رياض الصلح الصامت، يبحث عن فيء يستعصى ايجاده في تلك البقعة الجرداء من المدينة... بعدما منعه الحريصون على أمن سكان «الداون تاون» من الجلوس في الزوايا القريبة من المباني الحكومية. في إقامته التي استمرت عشرين يوماً، لم يحظ بزيارة «الوجوه الطيبة»، وإن كان على «طريقهم». حتى أكرم شهيب، وزير الزراعة الذي انتقل مكتبه من بئر حسن إلى وسط بيروت لدواعٍ أمنية، اكتفى بإهدائه زهرة غاردينيا، موثّقاً اللحظة بلقطة فوتوغرافية وخبر مطول عن تضامن الوزير مع الموظف في وزارته. ما عدا ذلك، لا شيء. مع ذلك، لم يأبه برّو. أكمل عشرين يوماً من الجوع «لأجل الجائعين مثلي»، يقول. ولأجل هؤلاء، حوّل مطلبه في اليوم السابع من الاعتصام من المطالبة بحقوق موظف في الدولة إلى المطالبة «بحقوق المواطن المغتصبة. أي مواطن، بغض النظر إن كان موظفاً في دولته أم لا»، من دون نسيان معركته الأساس: الفساد والهدر في المال العام، وهو الذي عوقب 14 سنة «لأنني واجهت سرقة المال العام في وزارة الزراعة».

يوسف الملاح

لم يبق أمام يوسف الملاح ما يخسره. في التاسع من نيسان الماضي، اتخذ رئيس غرفة عمليات بيروت الإقليمية في الدفاع المدني قراره بالنزول، مع رفاقه، إلى البحر والبقاء هناك حتى إقرار الهيئة العامة للمجلس النيابي قرار تثبيتهم في الجهاز... وإلا «فالسمك أولى بلحمنا». هناك، في عرض البحر، انتظر الملاح ورفاقه جلسة الهيئة العامة. بقوا ساعات قبل أن يأتيهم الخبر اليقين بإقرار القانون. عندها فقط، عادوا إلى الشاطئ. قبل هذا كله، عمل المتطوعون في الدفاع المدني سنوات، كي يصلوا إلى هنا، ومنهم يوسف، المنتظر منذ عشرين عاماً لقانون ينصفه. يوسف، هو نفسه الذي بكى وأبكى الكثيرين قبل أيامٍ قليلة من إقرار القانون عندما قال: «نحنا مش حاملين سلاح».